كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 3)

فأمر باتباع الوحي المنزل وحده ونهى عن اتباع ما خالفه وأخبر سبحانه أن كتابه بينة وشفاء وهدى ورحمة ونور وفضل وبرهان وحجة وبيان فلو كان في العقل ما يعارضه ويجب تقديمه على القرآن لم يكن فيه شيء من ذلك بل كانت هذه الصفات للعقل دونه وكان عنها بمعزل فكيف يشفي ويهدي ويبين ويفصل ما يعارضه صريح العقل.
الوجه الثامن عشر: إن ما علم بصريح العقل الذي لا يختلف فيه العقلاء لايتصور أن يعارضه الشرع البتة ولا يأتي بخلافه ومن تأمل ذلك في ما ينازع العقلاء فيه من المسائل الكبار وجد ما خالفت النصوص الصحيحة الصريحة شبهات فاسدة يعلم بالعقل بطلانها بل يعلم بالعقل ثبوت نقيضها الموافق للنقل فتأمل ذلك في مسائل التوحيد والصفات ومسائل القدر والنبوات والمعاد تجد ما يدل عليه صريح العقل لم يخالفه سمع قط بل السمع الذي يخالفه إما أن يكون حديثا موضوعا أو لا تكون دلالته مخالفة لما دل عليه العقل.
ونحن نعلم قطعا أن الرسل لا يخبرون بمحال العقول

الصفحة 829