كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 3)

العقل فكيف يجعل ما أثبته الله لنفسه في كتابه من صفاته وأفعاله وما صح عن رسوله أنه أثبته له من علوه فوق سماواته على عرشه واستوائه عليه وتكلمه وتكليمه وثبوت علمه وقدرته وحياته وسمعه وبصره ووجهه الأعلى ورحمته وغضبه ورضاه وفرحه وضحكه ويديه التي يمسك بإحداهما السماوات السبع وبالأخرى الأرضين السبع ثم يهزهن ونزوله كل ليلة إلى سماء الدنيا ونحو ذلك من صفات كماله ونعوت جلاله كيف يجعل هذا بمنزلة ذاك في مخالفة كل منهما لصريح العقل؟ ويجعل إثبات هذا كإثبات ذلك ووصفه بهذا كوصفه بذاك كما صرح به النفاة وقالوا إن هذا تشبيه وتجسيم فلا فرق بينه وبين ذاك التشبيه والتجسيم فليبك على عقله وما أصيب به من سوى بين الأمرين أحسن الله عزاءه في عقله ولا بورك له في علم هذه غايته التي لا يرضاها أعظم الناس انغماسا في جهله.

الصفحة 832