كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 3)

العمى على الهدى وآثروا عقوبة الدنيا والآخرة على سعادتهما وبدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار.
وأفسد عقول أهل الكتابين بكفرهم بالرسول حتى آل أمرهم إلى مقالات الفلاسفة التي قدموها على ما جاءت به الرسل حتى قالوا ما أضحكوا به كافة العقلاء وإن كانوا أصحاب صنائع وأفكار واستنبطوها بعقولهم لعجز غيرهم عنها لكن أفسد عليهم العقل الذي ينال به سعادة الأبد حتى قالوا في فرية سلسلة الموجودات عن واجب الوجود ما هو بسلسلة المجانين أشبه منه بكلام عقلاء الآدميين.
وجعلوا العالم الذي شهدت عليه شواهد الصنعة والاحتياج والافتقار من كون غالبه مسخرا مدبرا مقهورا على حركة لا يمكنه الخروج منها وعلى مكان لا يمكنه مفارقته وعلى وضع لا يمكنه أن يزول عنه وعلى ترتيب شهد العقل والفطرة أن غيره رتبه هذا الترتيب ووضعه في هذا الموضع وقهره على هذه الحركة.
وكون سافله منفعلا غير فاعل متأثرا غير مؤثر كل وقت في مبدأ ومعاد وشواهد الفقر والحاجة والحدوث

الصفحة 862