كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 3)

وأما متكلموا الجهمية والمعتزلة فأفسد عقولهم عليهم حتى قالوا ما يسخر العقلاء من قائله كما تقدم التنبيه على اليسير منه وقالوا يتكلم الرب بغير كلام يقوم به وخالق بلا خلق يقوم به وسميع بلا سمع وبصير بلا بصر وحي بلا حياة وقدير بلا قدرة ومريد بلا إرادة وفعال لما يريد ولا فعل له ولا إرادة وقالوا الرب موجود قائم بنفسه ليس في العالم ولا خارجه ولا متصلا به ولا منفصلا عنه ولا فوقه ولا تحته ولا عن يمينه ولا عن يساره وقالوا إنه لم يزل معطلا عن الفعل والفعل ممتنع ثم انقلب من الامتناع إلى الإمكان بغير تجدد سبب أصلا وقالوا إن الأعراض لا تبقى زمانين وأنكروا القوى والطبائع والغرائز والأسباب والحكم وجعلوا الأجسام كلها متماثلة وأثبتوا أحوالا لا موجودة ولا معدومة وأثبتوا مصنوعا بلا صانع ومخلوقا بلا خالق إلى أضعاف ذلك مما يسخر منه العقلاء.
وكلما كان الرجل عن الرسول أبعد كان عقله أقل وأفسد فأكمل الناس عقولا أتباع الرسل وأفسدهم عقولا المعرض عنهم وعما جاءوا به ولهذا كان أهل السنة والحديث أعقل الأمة وهم في الطوائف كالصحابة في الناس

الصفحة 864