كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 3)

فلا بد من حكم يفصل بين هذه الأنواع ويميز بين معلومها ومظنونها وموهومها فإذا اتفق العقل والسمع والعقل والحس على قضية كانت معلومة يقينية وإن انفرد بها الحس عن العقل كانت وهمية كما ذكر من أغلاط الحس في رؤية المتحرك أشد الحركة وأسرعها ساكنا والساكن متحركا والواحد اثنين والإثنين واحدا والعظيم الجرم صغيرا والصغير كبيرا والنقطة دائرة وأمثال ذلك.
فهذه الأمور يجزم بغلطها تفرد الحس بها عن العقل وكذلك حكم السمع قد يكون كاذبا وقد يكون صادقا ضرورة ونظرا وقد يكون ظنيا فإذا قارنه العقل كان حكمه علما ضروريا أو نظريا كالعلم بمجرد الأخبار المتواترة فإنه حصل بواسطة السمع والعقل فإن السمع أدى إلى العقل ما سمعه من ذلك والعقل حكم بأن المخبرين لا يمكن تواطؤهم على الكذب فأفاده علما ضروريا أو نظريا على الاختلاف في ذلك بوجود المخبر به والنزاع في كونه ضروريا أو نظريا لفظي لا فائدة فيه.
وكذلك الوهم يدرك أمورا لا يدري صحيحة هي

الصفحة 871