كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 3)

وفصل النزاع بينهما أن ما يدرك بالسمع أعم وأشمل وما يدرك بالبصر أتم وأكمل فهذا له القوة والتمام وذاك له العموم والإحاطة والمقصود أن الأمور الغائبة عن الحس نسبه المحسوس إليها كقطر في بحر ولا سبيل إلى العلم بها إلا بخبر الصادق وقد اصطفى الله من خلقه أنبياء نبأهم من هذا الغيب بما يشاء وأطلعهم منه على ما لم يطلع عليه غيرهم كما قال تعالى {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} [آل عمران179] وقال تعالى {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً} [الجن26 , 27] وقال تعالى {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [الحج75] فهو سبحانه يصطفي من يطلعه من أنباء الغيب على ما لم يطلع عليه غيره ولذلك سمي نبيا من الإنباء

الصفحة 874