كتاب كتاب مقالات الألباني

أبدأ بحمد الله وحسن توفيقه التقديم لهذه المقالات، وهي مما تفرق من آثار شيخنا الإمام بحق محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله رحمة واسعة وألحقنا به وبكافة الأخيار في جنات النعيم-.
ما ترك العلماءُ إلاّ العلم، وما ترك الكَمَلَةُ إلا الكمال، وما ترك الفُضَلاء إلا الفضل.
لقد عشنا مع الشيخ قرابة نصف قرن، فسمعنا منه وعقلنا ووعينا الكثير الطيب، وفاتنا الكثير مما لم نسمع منه مباشرة لانشغالنا في شؤون حياتنا، أو مما ناءت بحمله الذاكرة على كثرة ما تحمل، أو مما كان سببه نأي الديار، ولمدد مختلفة تطول وتقصر.
ووددت بعد الفراق استعادة الزمن بما يحمل لأجمع الشتات وأضم المتفرق، ليكون عوناً لي على شَحْذِ الهِمّة ودفعِ الذّاكرةِ إلى الأمام.
وحيثُ إن الأماني لا تغني عن الحقائق، فما لا يدركُ كلُّهُ لا يترك جله، ولنشرع بجمع ما أمكننا جمعه، ولو من بطون المجلات وصفحات الجرائد، وحواشي المطويات.
وليكن عملنا هذا رداً للجميل لهذا الشيخ العظيم، وكفارة لما فرطنا من الكثير في حقه، ومساهمة في نشر الحق وتعليمه، وتبديداً لظلمات الوهم والجهل الذي ران على قلوب المخالفين، وإحباطاً لكيدِ الكائدين، وتشكيك الزائفين.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «يَحمِلُ هذا العِلْمَ من كلِّ خلفٍ عُدُولُهُ، ينفون عنه تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين».
وقال عبد الله بن مسعود: «كيف أنتم إذا لبستكم فتنةٌ يهرَمُ فيها الكبيرُ، ويربو فيها الصغيرُ، ويتخذها الناس سنةً، فإذا غُيِّرتْ قالوا

الصفحة 10