كتاب كتاب مقالات الألباني

لم يَدَّعِ فِي يومٍ من الأيام أن له مذهباً مستقلاً، أو رأيًا فريداً كما يزعمون عنه، بل كان ينهانا عن الانفراد برأيٍ، وكان يقول: لا تنفرد برأي ليس لك فيه إمام مِنَ السابقين.
زَعَموا عليه أنه يبتعد عن العلماء، ولكنه كانَ أقرَب الناسِ إلى العلماءِ.
زعموا أنه كان يحاربُ المذاهبَ الأربعة، ولكنه كان أشدَّ الناسِ اتّبَاعاً للأئمةِ الأربعةِ واحتراماً لهم واكتساباً من علومهم.
لقد علّمنَا بحق حبَّ العلماءِ العاملين الأولين منهم والآخرين، وحُبَّ أئمةِ المسلمين، وكيف يُنْتِجُ هذا الحبُّ علماً وفقهاً وخُلقاً ضمن إطار السنة النبوية، فأين الدعايات الكاذبة على كثرتها؟
يا ابن الكرام ألا تدنو فتبصرَ ما ... قد حَدّثوك فما رَاءٍ كمنْ سَمِعَا
لقد خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم كافة الجاهليين واتبع الحق الذي أنزل عليه فقالوا ساحر أو مجنون. فقال تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} وهذا ما حَصَل مع أتباع سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام، فالإمامُ أحمدُ بن حنبل كم اتهموه واستعدَوْا عليه الحكام، وابنُ تيمية كم اتهموه واستعدَوْا عليه الأمراء، وأهل السنة والجماعة كالشيخ ناصر وغيره كم اتهموهم واستعدَوْا عليهم ذوي السلطة والنفوذ؟
هذه سنة المرسلين وسنة أتباعهم، يقابلُهَا سفه الجاهلين، ويقابل أتباعَ المرسلين سَفَهُ أتباعِ الجاهِلين من ذَوي الجهل والكبرياء.
هذه سُنّةُ اللهِ في الحياة، فلنكنْ ملتزمين لسنَةِ المرسلين دائماً حتى ننعمَ برضوانِ اللهِ في الدنيا والآخرة.
فليتك تَحلو والحياة مريرة ... وليتك ترضى والأنام غضاب
نزدادُ إيماناً إذا كَفَر الناس، ونزداد يقيناً إذا تشككوا، ونزدادُ التزاماً إذا تفلتوا، كتابُ الله وسنةُ رسوله صلى الله عليه وسلم هما العينان المبصرتان لنا،

الصفحة 12