كتاب كتاب مقالات الألباني

الناس دون علم ولا هدى ولا كتاب منير، ويحاول غمط الشيخ ناصر حقه فيقلل من شأنه، ويقدح بعلمه، ويزعم عليه المزاعم، وما أشبه الليلة بالبارحة، فهذا سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة الذين رشحهم عمر للخلافة، يوليه أمير المؤمنين عمر ولاية الكوفة بالعراق، فيحكم بينهم ويسوسهم ويصلي بهم على أتم ما تعلم من النبي صلى الله عليه وسلم ويعدل بينهم في الحكم، ولكن الرويبضة في الكوفة شكوه إلى عمر فعزله واستعمل عليهم عماراً، فشكوه حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي، فأرسل إليه فقال: يا أبا إسحاق، إن هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن تصلي، قال: أما أنا والله فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخرم عنها، أصلي صلاة العشاء فأركد في الأوليين، وأخف في الأخريين، قال: ذلك الظن بك يا أبا إسحاق، فأرسل معه رجلاً أو رجالاً إلى الكوفة، فسأل عنه أهل الكوفة، ولم يدع مسجداً إلا سأل عنه، فيثنون عليه معروفاً، حتى دخل مسجداً لبني عبس، فقام رجل منهم يقال له أسامة بن قتادة -يكنى أبا سعدة-، قال: أما إذا نشدتنا، فإن سعداً كان لا يسير بالسرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية، قال سعد: أما والله لأدعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذباً قام رياء وسمعة، فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه للفتن، قال: فكان بعد إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون أصابتني دعوة سعد.
قال عبد الملك -راوي القصة-: فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه، وإنه ليتعرض للجواري في الطرق يغمزهن، رواه البخاري.

هذه أفعال الرويبضة في قلة علمهم، وقلة عقلهم، وضعف آرائهم، وسوء تمسكهم بدين الله، يهاجمون جبال العلم والتقوى والفضائل، فما أشبه الليلة بالبارحة، لكن العلماء المخلصين سائرون على النهج مهما كانت العقبات.

الصفحة 14