كتاب كتاب مقالات الألباني

وبعد أن أكملت الثانوية العامة توجهت إلى دمشق لإكمال الدراسة الجامعية: فذهبت إلى المكتبة الظاهرية، ودخلت على الشيخ ناصر في الغرفة المخصصة له، فوجدته منغمساً في القراءة والبحث، فسلمت عليه، ورحب بي وهو جالس على كرسيه، وبعد سؤاله عني وعن الإخوة في الأردن سؤالاً سريعاً، استمر في القراءة والبحث، فجلست حوالي ربع ساعة دون أن ينطق الشيخ بكلمة، فاستأذنت، وانصرفت، وأنا في نفسي شيء على الشيخ، إذ لم يرحب بي ترحيباً كبيراً، فكنت أتوقع أن يقوم الشيخ من مكانه، ويترك القراءة، ويجلس معي، ويطلب لي الشاي أو القهوة، أو يدعوني إلى بيته، وكل ذلك لم يحصل!! ولكن حبي للشيخ جعلني أرجع إليه بعد أيام في غرفته -بالظاهرية-، وكأنه أحس بالذي أحست به: فسأل عني، ورحب بي، وقال لي: لعلك وجدت في نفسك المرة الماضية! ثم قال: يا باسم أنا في هذا المكان يدخل علي في اليوم أكثر من عشرين زائراً، فلو جلست مع كل زائر، وتبادلت معه الحديث، لم أعمل شيئاً قط، ولضاع وقتي كله، فما أخبرني علماً، وما أفاد طالباً.
وكانت معظم دروس الشيخ، ومحاضراته هي الدعوة إلى العقيدة الصحيحة -عقيدة السلف الصالح-، ومحاربة البدع، والخرافات والتصوف، ويدعو إلى التمسك بالكتاب والسنة على فهم السلف الصالح، وكان كثيراً ما يردد أنه لا تكفي الدعوة إلى الكتاب والسنة فقط، بل لا بد من فهم الكتاب والسنة، كما فهم سلف الأمة، وإلا فإن معظم الفرق والطوائف تقول: نحن على الكتاب والسنة.
وكانت حياته كلها دعوة إلى إحياء السنة وتطبيقها، ومن الأمور التي كان يحث عليها في دروسه، وفي مجالسه الخاصة والعامة: التصفية، والتربية.
تصفية الإسلام مما علق به من الخرافات والمنكرات، وتربية المسلمين على هذا الإسلام المصفى.

الصفحة 216