كتاب كتاب مقالات الألباني

أفضل الصلاة وأتم التسليم- في أواخر عام 1974 م، فكان الشيخ ناصر يأتي للعمرة أو للحج، أو في رمضان، فمنذ اللحظة التي يصل فيها إلى المدينة يجتمع عليه طلبة العلم، ففي الشارع تجد العشرات يمشون خلفه، وأمامه، وعلى جانبيه، وفي المسجد تجد الطلبة ملتفين حوله، وأما دروسه التي يلقيها فكان يحضرها المئات، أذكر أنه ألقى محاضرة في دار الحديث بالمدينة بعد العشاء، حضرها المئات من طلبة العلم، استمرت إلى ساعة متأخرة من الليل، وكنت أصحبه طوال مكثه في المدينة، وكنت أسافر معه إلى مكة، وجدة، وكان للشيخ سيارة قديمة صغيرة، فكان إذا أراد أن يسافر إلى مكة أعطاه الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله- نائب رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة آنذاك سيارة حديثة من الجامعة، للسفر بها، وكان الشيخ ناصر هو السائق لها، وكنا في الطريق نطلب أن نريحه من قيادة السيارة، فكان يرفض! ويقول: لم أستأذن بأن أعطي السيارة لأحد غيري، وكان طوال الطريق يجيب عن الأسئلة، أو يوضح مسألة، دون تعب أو كلل.
وأذكر أن الشيخ جلس ليلة ساهراً، حتى أذن الفجر في المدينة، وهو في نقاش مع الشباب، وبعد أداء الصلاة في المسجد النبوي أراد الشيح أن يسافر إلى مكة لأداء العمرة، فقلنا له: أنت لم تنم، قال: أجد بي قوة ونشاطاً، فركب السيارة، وسافرنا معه إلى مكة، وعند الساعة التاسعة صباحاً تقريباً أوقف السيارة عند ظل شجرة، وقال: سأنام ربع ساعة فقط، فإن لم أستيقظ أيقظوني، فضمرنا في أنفسنا أن لا نوقظ الشيخ حتى يستريح، وبعد ربع ساعة من الوقت استيقظ وحده، فركب السيارة، وتوجهنا إلى مكة، فأدينا العمرة، ثم ذهبنا إلى بيت صهره -الدكتور رضا نعسان- فإذا طلبة العلم ينتظرون الشيخ، فجلس معهم، كما هي عادة الشيخ في نقاش ومناظرة إلى ساعة متأخرة من الليل دون تعب.

الصفحة 218