كتاب كتاب مقالات الألباني

ذلك وقد أشرب حب العلم قلبه، فلا يصحو إلا عليه ولا ينام إلا عليه، وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث يقول: " منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب مال " ولقد والله كان الألباني من طلاب العلم الذين لا يشبعون.
ومن حبه للعلم وأهله فقد كان يعامل طلابه في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، أثناء تدريسه فيها، كأبنائه وأصدقائه، حيث ربطته بهم روابط وثيقة، فلم يكن يكتفي بما يلقيه عليهم من دروس ومحاضرات في قاعات الدرس، بل يسعى لإفادتهم أينما كانوا، في ساحات الجامعة واستراحاتها، وفي الطريق ماشياً أو راكباً في سيارته، حيث يقوم بإيصال بعض الطلبة في طريقه، تطبيقاً لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: " من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ".
ووفاء منه لهذه الجامعة التي أحبها، وأفنى فيها شطراً من عمره، فقد أوصى بأن تودع مكتبته العامرة ضمن مكتبة هذه الجامعة العريقة، حتى تعم الفائدة، وينتفع بها قطاع كبير من الطلبة الذين يؤمونها من شتى أصقاع المعمورة، فما أكرمك حياً وما أكرمك ميتاً يا شيخنا المبجل!
كان الشيخ الألباني -رحمه الله- يتحلى بصفات قل أن توجد في كثير من العلماء أمثاله، ومن أهمها التمسك بما يراه صواباً وحقاً، وإن خالف رأي الكثيرين، ولذا فقد عاداه كثير من المخالفين من المذهبيين والمتصوفة والمبتدعة، وكان يقارعهم الحجة بالحجة والدليل بالدليل، هذا إن كان عندهم دليل.
ولم تكن مخالفته للآخرين لهوى عنده أو انتصاراً لنفسه، إنما هو انتصار للحق وأهله، وقد زرته في بيته سنة 1407 هـ/ 1987 م في محاولة مني للتوفيق بينه وبين أحد أقرانه من كبار المشايخ المحققين لعلم الحديث، والذي كان يخالفه الرأي في كثير من المسائل، ومن جملة ما قلت له يومها: يا شيخنا، لم يزل الأقران يخالف بعضهم بعضاً،

الصفحة 233