كتاب كتاب مقالات الألباني

ولكن دون هذه القطيعة التي نراها بينكما منذ سنين عديدة، وذكرته بما لذلك من تأثير سلبي كبير علينا نحن طلبة العلم، فقال: يا بني، إن خلافي مع الشيخ فلان ليس خلافاً شخصياً، إنما هو خلاف منهج ومبدأ، ومنهجي لا يلتقي مع منهجه، ولكنه -رحمه الله- رأى أن من الخير الالتقاء بهذا الشيخ، واغتنمتها فرصة عظيمة بأن جمعتهما في بيتي ولم يكونا قد التقيا منذ اثنتي عشرة سنة، ثم لم يلتقيا بعدها أيضاً منذ ذلك التاريخ، وقد مضت من السنين مثلها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إلا أنه -رحمه الله- كان وقافاً عند الحق إذا تبين له الخطأ، وأن الصواب مع الغير، ولا أذكر أنني راجعته في مسألة علمية وهم فيها في كتاب من كتبه، إلا ويمسك القلم مصححاً للخطأ وشاكراً لي تنبيهه عليه، ومن يقرأ في كتب الشيخ -رحمه الله- يجد رجوعه عن كثير من المسائل الفقهية أو الحديثية التي كان كتبها في طبعات سابقة لكتبه تلك.
وبعد، فماذا عساي أن أكتب عن رجل نذر نفسه وعمره وحياته للعلم وأهله، ونشر العقيدة الصحيحة بين المسلمين، وخدمة سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وقد رفع شعار " تقريب السنة بين يدي الأمة "، وعمل على تقريبها من خلال شعار آخر هو التصفية والتربية، أي تصفية السنة والأحاديث النبوية من الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي شابتها، وتقديمها لعامة الأمة صافية نقية، ثم تربية النشء والعامة والخاصة على هذه السنة المطهرة.
ماذا عساي أن أكتب عن عالم فذ، وعن محدث ملهم، وعن رجل عصامي، وعن جار ودود، وعن شيخ فاضل، فالقلم والقرطاس لا يوفيانه حقه، ولا نملك له الآن إلا الدعاء، فنسأل الله أن يجزيه كفاء ما قدم، وأن يخلف على المسلمين مثله أو خيراً منه.

الصفحة 234