كتاب كتاب مقالات الألباني

12 - المشهد الأخير من رحيل الألباني -رحمه الله- (¬1)
بقلم: د. محمد محمود أبو رحيم

لقد ذكرني المشهد الأخير من جنازة الشيخ أبي عبد الرحمن بأول لقاء معه -رحمه الله- قبل ثلاثين عاماً، حيث كنت يومها متدثراً بلباس التصوف، أمرغ الخد على أعتاب أشياخه.
يومها كان الجهل قد غرر بي بكسب كان للأشياخ نصيباً مفروضاً في صناعته، لم يكن جهلاً بالحلق والذكر والخلوات البدعية، فقد أتقنتها حتى غاليت في بعضها، فوجدتني قد نذرت للرحمن صوماً إلا عن شيخي في الطريقة الذي ولد في نفسي قدرته المزعومة على فتح المغاليق إلى ملك لا يبلى.
ويومها كنت جاهلاً بما يدور حولي، وحول من تدور عليهم دعاوي التجهيل والتضليل، فكان ماكان مني نحو الشيخ أبي عبد الرحمن ومنهجه من كوامن ضدية دفعتني لسؤاله -وأنا تحت تأثير خلفيات التحدي-: لماذا تحارب الأئمة الأربعة؟ هكذا كان يشيع من لم يرقهم طريقته السلفية.
لم يكد يخرج السؤال من بين شفتي، وأنا شاب في السنة الأولى في كلية الشريعة، حتى وجدت برد كفه الناعم يأخذ بكفي نحو مقعد جانبي يحاورني بكل هدوء.
¬__________
(¬1) "مجلة البيان" (144/ 151 - 152).

الصفحة 235