كتاب كتاب مقالات الألباني

نراه قد حَمَلَ في مشكلته هذه على الدعاة إلى السنة حملة شعواء، وهجاهم فيها بما لم يهج به القائلين بوحدة الوجود!
وهذا في الواقع من غرائب الاختلاف، فبينما يرى دعاة السنة أن "المشكلة" لا تحل إلا بتبني الدعاة لدعوتهم حقاً، إذا ببعض هؤلاء الدعاة يجعلهم من الدعائم التي قامت بسببهم "المشكلة"!
هذا ولما كان في رده عليهم كثير من الأخطاء والآراء التي يفهم منها القراء خلاف ما عليه دعاة السنة، رأيت أنه لا بد من بيان ذلك إظهاراً للحق ودفعاً للتهمة، راجياً من فضيلة الشيخ أن يتقبل ما عسى أن يظهر له صوابه، وأن يدلنا على ما تبين له خطؤه، سائلاً المولى -سبحانه وتعالى- أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه، موافقة لسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.
4 - نص كلام الأستاذ الطنطاوي:
«وآخر يرى الإسلام في ترك المذاهب كلها، والعودة إلى السنة، فكل من استطاع أن يقرأ البخاري ومسلم ومجمع الزوائد، وأن يفتش عن اسم الراوي في التقريب أو التهذيب، وجب عليه الاجتهاد، وحرم عليه التقليد، ويسمون هذا الفقه العجيب الذي يشبه فقه برد (¬1) (والد بشار) بفقه السنة، لا يدرون أن الوقوف على الأحاديث ومعرفة إسنادها ودرجاتها شيء، واستنباط الأحكام منها شيء آخر، وأن المحدثين كالصيادلة، والفقهاء كالأطباء، والصيدلي يحفظ من أسماء الأدوية ويعرف من أصنافها ما لا يعرفه الطبيب، ولكنه لا يستطيع أن (يشخص) الأمراض ويشفي المرضى، وأن الصحابة أنفسهم لم يكن فيهم إلا مئة ممن يفتي، وأن مئة الألف من المسلمين الذين توفي عنهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانوا
¬__________
(¬1) كان بشار يهجو الناس وهو صبي فيشكونه إلى أبيه فيضربه، فلما طال ذلك عليه قال لأبيه: قل لهم إن ابني هذا أعمى، والله يقول {ليس على الأعمى حرج} فقالوا: فقه برد أشد علينا من شعر بشار. (طنطاوي)

الصفحة 33