كتاب كتاب مقالات الألباني

اجتهادات الرجال وآراؤهم، ولذلك قال الإمام مالك -رضي الله عنه-: «إنما أنا بشر أخطيء وأصيب، فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه» (¬1)، وقال شريح القاضي: «إن السنة سبقت قياسكم، فاتبعوا ولا تبتدعوا، فإنكم لن تضلوا ما أخذتم بالأثر» (¬2).
ثالثاً: إنها حجة ملزمة باتفاق المسلمين، بخلاف آراء الرجال فإنها غير ملزمة عند السلف (¬3) وغيرهم من المحققين، قال الإمام أحمد -رضي الله عنه-: «رأي الأوزاعي، ورأي مالك، ورأي أبي حنيفة كله رأي، وهو عندي سواء، وإنما الحجة في الآثار» (¬4).
رابعاً: إنه لا يمكن لطالب العلم أن يصير فقيهاً حقاً إلا بدراستها، فهي وحدها بعد القرآن الكريم تؤهله لأن يستنبط ويقيس قياساً صحيحاً إذا أعوزه النص، فلا يقع مثلاً في مثل الأخطاء التي يقع فيها الجهال بها، كقياس الفرع على الفرع، أو الضد على الضد، أو القياس مع وجود النص، ولهذا قال ابن القيم -رحمه الله- (¬5):
«إن أصح الناس قياساً أهل الحديث، وكلما كان الرجل إلى الحديث أقرب كان قياسه أصح، وكلما كان عن الحديث أبعد كان قياسه أفسد».
خامساً: إنه لا يمكن القضاء على ما دخل في المسلمين من البدع والأهواء إلا من طريق السنة، كما أنها سدٌّ منيع للوقوف في وجه المذاهب
¬__________
(¬1) "ابن عبد البر" (2 - 32).
(¬2) "ابن عبد البر" (2 - 34، 35).
(¬3) "أعلام الموقعين" (1 - 75، 77).
(¬4) "ابن عبد البر" (2 - 149).
(¬5) "أعلام الموقعين" (2 - 410).

الصفحة 35