مسألة من الممسائل ما يوافق ويؤيد " مصلحتهم " المخالفة للسنة (¬1)، وهم لذلك يحاربون الرجوع إلى السنة، لأنها تسد الطريق عليهم كما قلنا، وتكشف تسترهم وراء المذاهب و" سعة الشريعة الإسلامية بسعة الأقوال الكثيرة، والاجتهادات الغزيرة والثروة الفقهية الطائلة التي قل أن تخرج مسألة عنها "؟! والله أعلم بما يوعون.
فهذه بعض الأسباب التي تحضرني الآن مما يحمل أنصار السنة على الدعوة إليها، وإيثارها على خلافها، فكيف لا يدعون الناس إليها ويرغبونهم في الاهتداء بهديها، والاستنارة بنورها؟ بل كيف لا يفدون أرواحهم في سبيلها؟
فالعجب ممن يريد أن يصدهم عنها، ويحملهم على تركها إلى التمسك بالمذهب، مع أن إمامه يأمر بالرجوع لها، وتسليم القياد لها، هيهات هيهات!
6 - بيان ما في كلام الأستاذ الطنطاوي من المآخذ:
بعد هذا نعود فنذكر ما بدا لنا من المآخذ في كلام الطنطاوي فأقول:
1 - قال الشيخ: " وآخر يرى الإسلام في ترك المذاهب كلها، والعودة إلى السنة ".
أقول: أما العودة إلى السنة فحق واجب، وقد سبق بيان أسباب ذلك في الفصل السابق، وأزيد هنا فأقول: إنه يجب على كل مسلم أن يستجيب لدعوتهم هذه إن كان مؤمناً حقاً، فقد قال تعالى: {إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم
¬__________
(¬1) ولهذا قال سليمان التميمي (من ثقات اتباع التابعين ومفتيهم): «إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله» رواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (2/ 91، 92) ثم قال هذا: «هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً».