مثل أدعية الاستفتاح والتشهد.
3 - وقسم فيه اختلاف شديد لا يمكن الجمع بين الآراء المختلفة فيه بوجه من وجوه الجمع المعروفة لدى العلماء، مثل: مس الرجل المرأة ونقض الوضوء به، فإن فيه ثلاثة أقوال مشهورة: النقض، وعدمه، والفرق بين أن يكون المس بشهوة فينقض وإلا فلا.
وإذا كان الأمر كما فصلنا، فكيف يعزو الشيخ للدعاة إلى السنة أنهم " يرون ترك المذاهب كلها "! مع أن هذا الترك يستلزم الإعراض عما فيها من الحق المسلم به لديهم؟! أليس هذا من الأدلة الكثيرة على أن الشيخ لا يتحرى الصواب حين يتهم خصومه في الرأي بما هم براء منه؟
ولعلم أنصار السنة بما سبق من التفصيل يضطرون إلى أن يبحثوا عن الحق في المذاهب كلها، ليس خارجاً عنها، ولا في مذهب معين منها، وهذا البحث قد بين لهم فضل أئمة المذاهب، وعلمهم، ودقة فهمهم للكتاب والسنة، وتنبهوا بسبب ذلك لكثير من دقائق المسائل المستنبطة من الكتاب والسنة، فاستفادوا بسببهم علوماً كثيرة في أوقات يسيرة، لولاهم لما وصلوا إليها، فجزاهم الله عن المسلمين خيراً.
ولهذا فإن أنصار السنة أعرف بفضل الأئمة وعلمهم من أتباعهم الذين يقلدونهم على جهل بطرق الاستنباط والاستدلال، والله تعالى يقول: {هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون}.
هذا، ثم إن الدعاة إلى السنة لما تبين لهم بعد البحث في المذاهب أن فيها الخلاف المذكور في القسم الثالث، لم يجيزوا لأنفسهم أن يتمسكوا بمذهب معين فيها، لأنهم علموا أن الصواب في الخلاف المذكور ليس محصوراً في مذهب واحد منها، بل هو مشاع بين جميعها، فالحق في المسألة الفلانية في المذهب الفلاني، وفي المسألة الفلانية في المذهب الفلاني وهكذا سائر المسائل، فلو أنهم تمسكوا فيها بالمذهب لأضاعوا كثيراً من الحق