كتاب كتاب مقالات الألباني

الوارد في المذاهب الأخرى وهذا لا يجوز عند مسلم عارف.
ولما كان لا سبيل لمعرفة الحق مما اختلف فيه الناس إلا بالرجوع إلى السنة على ما بيناه فيما سبق، جعلها الدعاة إلى السنة الأمل الذي يرجعون إليه، والأساس الذي يبنون آراءهم وأفكارهم عليه.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه لما كان الأئمة قد بذلوا جهوداً مشكورة في سبيل توضيح السنة وتقريبها للناس وبيان الأحكام الممكن استنباطها منها، فإن الدعاة إلى السنة لا يسعهم إلا الاستفادة من علمهم والاستعانة بآرائهم على فهم الكتاب والسنة، وبذلك يجمعون بين المحافظة على الأصل (السنة) وبين تقدير الأئمة قدرهم اللائق بهم، وذلك مما وصى به السلف أتباعهم، فقال عبد الله بن المبارك -رضي الله عنه-: " ليكن الأمر الذي تعتمدون عليه هذا الأثر، وخذوا من الرأي ما يفسر لكم الحديث " (¬1).
ذلك رأي الدعاة إلى السنة في المذاهب، وذلك موقفهم من أئمتها، فهل فيه ما يحمل المنصف على الطعن بهم والتنفير منهم؟ أم ذلك ما ينبغي أن يكون عليه كل مسلم عرف الفرق بين كلام المعصوم وكلام غيره، ثم لم ينس الفرق بين الغاية والوسيلة؟
8 - التقاء الطنطاوي مع الدعاة إلى السنة في ترك المذهب اتباعاً للسنة:
بعد هذا البيان أستطيع أن أقول: إن موقف الصديق الطنطاوي من المذاهب لا يختلف كثيراً عن موقف دعاة السنة منها، ذلك لأن الطنطاوي يرى الخروج من المذهب جائزاً، بدليل إنكاره في مقاله هذا " مشكلة " على من " يرى الإسلام في اتباع مذهب من المذاهب الأربعة والوقوف
¬__________
(¬1) ابن عبد البر (2/ 34، 35).

الصفحة 40