كتاب شرح كشف الشبهات ويليه شرح الأصول الستة

من هؤلاء إلا من أكره مع كون قلبه مطمئناً بالإيمان وأما غير هذا فقد كفر بعد إيمانه سواء فعله خوفاً أو مداراة، أو مشحة بوطنه أو أهله أو عشيرته أو ماله، أو فعله على وجه المزح أو لغير ذلك من الأغراض إلا المكره.

فالآية تدل على هذا (1) من جهتين:

الأولى: قوله:} إلا من أكره {فلم يستثن الله تعالى إلا المكره، ومعلوم أن الإنسان لا يكره إلا على الكلام أو الفعل وأما عقيدة القلب فلا يكره عليها أحد.

والثانية: (2) : قوله تعالى} ذلك بأنهم أستحبوا الحياة الدنيا على الآخرة {فصرح أن هذا الكفر والعذاب لم يكن بسبب الاعتقاد أو الجهل، أو البغض للدين، أو محبة الكفر وإنما سببه أن له في ذلك حظاً من حظوظ الدنيا فآثره على الدين.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مكرها، وأما من كفر على سبيل الأختيار لأي غرض من الأغراض سواء كان مزاحاً، أو مشحة في وظيفة، أو دفاعاً عن وطن، أو ما أشبه ذلك فإنه يكون كافراً، فالله عز وجل لم يعذر من كفر إلا من كان مكرها بشرط أن يكون قلبه مطمئناً بالأيمان.

(1) أي أن الله تعالى لم يستثن في الآية من الكافرين إلا من أكره، والإكراه لا يكون إلا على القول أو الفعل، أما عقيدة القلب فلا يطلع عليها إلا الله، ولا يتصور فيها الإكراه لأنه لا يمكن لأحد أن يكره شخصاً فيقول: لا بد أن تعتقد كذا وكذا؛ لأنه أمر باطن لا يعلم به، وإنما الإكراه على ما ظهر فقط بالقول والفعل.
(2) الوجه الثاني: أنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة فكان كفرهم سببه أنهم استحبوا الدنيا على الآخرة ويعني بالدنيا كل ما يتعلق بها من جاه،

الصفحة 104