كتاب شرح كشف الشبهات ويليه شرح الأصول الستة

بل يظن أن ذلك هو التلفظ بحروفها من غير إعتقاد القلب لشيء من المعاني، والحاذق منهم يظن أن معناها "لا يخلق ولا يرزق ولا يدبر الأمر إلا الله" فلا خير في رجل جهال الكفار أعلم منه بمعنى "لا إله إلا الله".
إذا عرفت ما ذكرت لك معرفة قلب (1) ، وعرفت الشرك بالله الذي قال الله فيه: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يعرفون معنى كلمة "لا إله إلا الله" حيث يظنون أن المقصود هو التلفظ بحروفها دون معرفة معناها وإعتقاده. ومن الناس من يظن أن المراد بها توحيد الربوبية أي لا خالق إلا الله، ولا رازق إلا الله.

ومن الناس من يفسرها بأن المراد بها "إخراج اليقين الصادق عن ذات الأشياء، وإدخال اليقين الصادق على ذات الله" وهذا التفسير باطل لم يعرفه السلف الصالح، وليس المراد به أن تتيقن بالله -عز وجل- وتخرج اليقين من غيره لأن هذا لا يمكن فإن اليقين ثابت في غير الله) لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين) {سورة التكاثر، الآيتان 6، 7} . وتيقن الأشياء الواقعة الحسية المعلومة لا ينافي التوحيد.

ومن الناس من يفسرها بأنه "لا معبود إلا الله" وهذا التعريف لا يصح على ظاهرة لأن هناك أشياء عبدت من دون الله - عز وجل -.

فيكون هؤلاء أجهل من الجهال الذين بعث فيهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فإنهم كانوا يعرفون من معناها ما لا يعرفه هؤلاء.

(1) ... أي عرفت معنى لا إله إلا الله الحقيقي وأن معناها "لا معبود حق إلا الله".

الصفحة 32