كتاب شرح كشف الشبهات ويليه شرح الأصول الستة

وأعلم الناس أنه سبحانه من حكمته لم يبعث نبياً بهذا التوحيد إلاجعل له أعداء كما قال الله تعالى: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعضٍ زخرف القولِ غروراً) (1) {سورة الأنعام، الآية: 112} .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
في التوحيد حيث قالوا إن معنى "لا إله إلا الله" أي لا مخترع ولا قادر على الإختراع إلا الله ففسروا هذه الكلمة العظيمة بتفسير باطل لم يفهمه أحد من المسلمين، بل ولا غير المسلمين حتى المشركون الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يعرفون معنى هذه الكلمة أكثر مما يعرفها هؤلاء المتكلمون.

(1) ... نبه المؤلف -رحمه الله تعالى- في هذه الجملة على فائدة عظيمة حيث بين أن من حكمة الله - عز وجل - أنه لم يبعث نبياً إلا جعل له أعداء من الإنس والجن، وذلك أن وجود العدو يمحص الحق ويبينه فإنه لكما وجد المعارض قويت حجة الآخر، وهذا الذي جعله الله تعالى للأنبياء جعله أيضاً لأتباعهم فكل اتباع الأنبياء يحصل لهم مثل ما يحصل للأنبياء قال الله تعالى: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً) وقال: (كذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين وكفى بربك هادياً ونصيراً) {سورة الفرقان، الآية: 31} فإن هؤلاء المجرمين يعتدون على الرسل واتباعهم وعلى ما جاءوا به بأمرين:

الأول: التشكيك

الثانية: العدوان.

أما التشكيك فقال الله تعالى في مقابلته) كفى بربك هادياً (لمن أراد أن يضله أعداء الأنبياء.

الصفحة 47