كتاب شرح كشف الشبهات ويليه شرح الأصول الستة

ولكن هذه القصة تفيد أن المسلم بل العالم قد يقع في أنواع من الشرك لا يدري عنها فتفيد التعلم والتحرز ومعرفة أن قول الجاهل (التوحيد فهمناه) أن هذا من أكبر الجهل ومكايد الشيطان (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(أجعل لنا آلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون) {سورة الأعراف، الآية: 138} لتركبن سنن من كان قبلكم" (1) وهذا يدل على أن موسى ومحمداً عليهما الصلاة والسلام قد أنكرا ذلك غاية الإنكار وهذا هو المطلوب، فإن هذين النبيين الكريمين لم يقرا أقوامهما على هذا الطلب الذي طلبوه بل أنكراه.

وقد شبه بعض المشركين في هذا الدليل فقال: إن الصحابة وبني إسرائيل لم يفعلوا ذلك حين لقوا من الرسولين الكريمين إنكار ذلك.

(1) هذا شروع في بيان ما تفيده هذه القصة أعني قصة الأنواط وبني إسرائيل من الفوائد:

الفائدة الأولى: أن الإنسان وإن كان عالماً قد يخفى عليه بعض أنواع الشرك، وهذا يوجب على الإنسان أن يتعلم ويعرف حتى لا يقع في الشرك وهو لا يدري، وأنه إذا قال أنا أعرف الشرك وهو لا يعرف كان ذلك من أخطر ما يكون على العبد، لأن هذا جهل مركب شر من الجهل البسيط، لأن الجاهل جهلاً مركباً فإنه يظن نفسه عالما وهو جاهل فيستمر فيما هو عليه من العمل المخالف للشريعة.

الصفحة 90