كتاب شرح كشف الشبهات ويليه شرح الأصول الستة

وكذلك ما ذكرناه من قتال اليهود، وقتال الصحابة بني حنيفة، وكذلك أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يغزو بني المصطلق لما أخبره رجل أنهم منعوا الزكاة حتى أنزل الله تعالى: (يا أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) {سورة الحجرات، الآية: 6} . وكان الرجل كاذباً عليهم (¬1) ، وكل هذا يدل على أن مراد النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث التي احتجوا بها ما ذكرناه (1) .

ولهم شبهة أخرى: وهو ما ذكر صلى الله عليه وسلم أن الناس يوم القيامة يستغيثون بآدم، ثم بنوح، ثم بإبراهيم، ثم بموسى، ثم بعيسى فكلهم يعتذر حتى ينتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: فهذا يدل على أن الإستغاثة بغير الله ليست شركاً.

والجواب: أن نقول سبحان من طبع على قلوب أعدائه فإن الإستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه لا ننكرها، كما قال الله تعالى في قصة موسى: {فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه} [سورة القصص، الآية: 15] . وكما يستغيث الإنسان بأصحابه في الحرب أو غيره في أشياء يقدر عليها المخلوق، ونحن أنكرنا استغاثة العبادة التي يفعلونها عند قبور الأولياء، أو في غيبتهم في الأشياء التي لا عليها إلا الله (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وهو أن مجرد قول "لا إله إلا الله" ليس مانعاً من القتل بل يجوز قتال من قالها إذا وجد سبب يقتضي قتاله.

(2) قوله: "ولهم شبهة أخرى" يعني في أن الإستغاثة بغير الله ليست شركاً وقد أجاب عنها بجوابين:
¬_________
(¬1) أخرجه ابن جريز الطبري جـ26 ص 123، وابن كثير جـ4 ص187 وقال: "قد روى طرق لهذا الحديث من أحسنها ما رواه الإمام أحمد"، والهيثمي في "المجمع" جـ7 ص111 وقال: "رواه أحمد ورجاله ثقات".

الصفحة 96