كتاب شرح كشف الشبهات ويليه شرح الأصول الستة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
رسول الله، بل قال: "فادع الله يغيثنا" ثلاث مرات، فأنشأ الله سبحانه وتعالى سحابة فأمطرت، ولم يرو الشمس أسبوعاً كاملاً والمطر ينهمر، وفي الجمعة التالية دخل رجل أو الرجل الأول فقال: "يا رسول الله غرق المال، وتهدم البناء فادع الله تعالى يمسكها عنا" فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ربه وقال: "اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب وبطون الأودية، ومنابت الشجر"، (¬1) فانفجرت السماء وخرج الصحابة يمشون في الشمس.

فهذا طلب دعاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم لله عز وجل وليس دعاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا استغاثة به، وبهذا يعرف أن هذه الشبهة التي لبس بها هؤلاء شبهة لا تنفعهم بل هي حجة داحضة عند الله عز وجل.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله أنه لا بأس أن تأتي لرجل صالح تعرفه وتعرف صلاحه فتسأله أن يدعو الله لك، وهذا حق إلا أنه لا ينبغي للإنسان أن يتخذ ذك ديدناً له كلما رأى رجلاً صالحاً قال أدع الله لي، فإن هذا ليس من عادة السلف رضي الله عنهم، وفيه إتكال على دعاء الغير، ومن االمعلوم أن الإنسان إذا دعا ربه بنفسه كان خيراً له لأنه يفعل عبادة يتقرب بها إلى الله عز وجل فإن الدعاء من العبادة كما قال الله تعالى {أدعوني أستجب لكم} [سورة غافر، الآية: 60] . الآية، والإنسان إذا دعا ربه بنفسه فإنه ينال أجر العبادة ثم يعتمد على الله عز وجل في حصول المنفعة ودفع المضرة، بخلاف ما إذا طلب من غيره أن يدعو الله له فإنه يعتمد على ذلك الغير وربما يكون تعلقه بهذا الغير أكثر من تعلقه
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري / كتاب الأستسقاء / باب الأستسقاء في خطبة الجمعة، ومسلم / كتاب صلاة الأستسقاء / باب الدعاء في الأستسقاء.

الصفحة 98