كتاب صفحات رمضانية
نعمة بلوغ رمضان
ها هو شهر رمضان، أفضل الشهور، قد حط رحاله، وحل بخيراته وبركاته على هذه الأمة كي تغتنم أوقاته بالعبادة والطاعة، وتؤدي ركنا من أركان الإسلام، وتنال بذلك زيادة الحسنات، ورفعة الدرجات، يأنس المسلمون فيه وتسري في نفوسهم محبته، يذكر فيه بعضهم بعضا، فتشيع الرحمة والمودة في قلوبهم، ويظهر أثرها داخل مجتمعاتهم، ويشتد رباط العطف والتآزر بين جميع فئاتهم.
إن شهر رمضان يمثل للمؤمنين موسما من أعظم المواسم التي تقوى صلتهم بخالقهم، وتجدد الإيمان في أفئدتهم، ولذلك يفرحون بمقدمه، فهم يرون فيه زمنا يريح عنهم ثقل أوزار اقترفوها في أشهر مرَّت، قد زينت لهم أنفسهم الأمارة بالسوء التكاسل عن الطاعة، والتسويف بالإكثار من العبادة، فما شعروا إلا وهذا الموسم العظيم يوقظهم من سباتهم، ويذكي في قلوبهم الإسراع إلى أماكن، العبادة، والمبادرة إلى سبل الخير وسلوك طريق السعادة.
أولئك هم المؤمنون حقا، الذين يفرحون، بمقدم شهر رمضان، فهم يرجون أن يكونوا ممن قال فيهم المصطفى عليه الصلاة والسلام: "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه، وهم يشكرون الله تعالى الذي من عليهم ببلوغ هذا الشهر الكريم، وكتب لهم أن يكونوا في عداد الصائمين، فهو شهر يجددون فيه التوبة، ويقطعون العهد بمواصلة الطاعة، ويصطلحون فيه مع سيدهم ومولاهم، رجاء أن يعتقهم من النيران، ويمن عليهم بالمغفرة ودخول الجنان.
الصفحة 7
96