كتاب رسائل في آثار المدينة النبوية

10…تحقيق هذه المواضع على الطبيعة وتذكير الناس بها، للتزام بأحكام الحرم في نطاق حدوده التي حددها الله سبحانه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وكذلك الالتزام بأحكام الحمى (حرم الشجر) ضمن الحدود الجغرافية المبينة في الحديث. ولهذا كانت حدود الحرم والحمى هي موضوع الرسالة الثالثة من هذا الكتاب. ومن معالم المدينة جبالها وهي من زينتها، وبعضها قد أزيل من أصله وأصبح في خبر الماضي مثل آطام المدينة وحصونها التي نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن هدمها. ومن أشهر جبال المدينة جبل أُحد، وقد ورد أنه جبل من جبال الجنة، كما ورد في الحديث: (أُحد جبل يحبنا ونحبه)، وهذا الجبل الضخم يحتضن المدينة من الجهة الشمالية، وتجتمع سيولها عند طرفه الغربي، وله تلاع كثيرة من جميع جوانبه وأشهرها تلعة المهاريس التي يقابلها من جهة القبلة جبل عينين الذي دارت عنده، بينه وبين جبل أُحد معركة أُحد الفاصلة، وهناك آثار لهذه الغزوة منها، الشهداء، وجبل عينين، ومسجد الفسح، والكهف، والمهاريس. ومن جبالها جبل عير وهو حد الحرم الجنوبي وأما جبل ثور فهو حد الحرم الشمالي، ولكن قد اختلف في مكانه، فمن قال إنه جبل الخزان فقد وهم لأن هذا جبل (ثياب) ولا يعتريه الشك ولا يُدخل أُحد في الحرم. ومن قال إن ثور هو الجبل الأحمر الصغير الذي يشبه الخيمة خلف أُحد من شماله وقريب منه يبعد عنه فقط حمسين متراً، فهذا وهم أيضًا لأن هذا يحتضنه جبل أُحد وهو جزء منه، ومن قال إن جبل ثور هو الجبل المعترض شمال أُحد يمتد من الشرق قريبًا من وعيره حتى حلقة الغنم (أرض الزبير) نحو الغرب، فهذا يمكن الأخذ به، ولكن أرجح الأقوال - والله أعلم - هو قول من يرى أن جبل ثور هو الجبل الصغير الأسود الذي يشبه الثور، وهو يقع شمال أثحد جانحًا إلى يساره،…

الصفحة 10