كتاب رسائل في آثار المدينة النبوية

17…
مقدمة
الحمد لله رب العالمين الذي قال في محكم كتابه: (إنَّمَا يَعْمٌرُ مَسجِدَ اَللَّهِ مَنْ ْامَنَ بِاَللَّهِ واَلْيَوْمِ اَلآْخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَوةَ وَأَتَىْ الزَّكَواةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اَللَّه فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتدِينَ) (التوبة، 18)، وقال سبحانه: (وَمَنْ أظلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَجِدَ اَللَّه أَن يُذْكَر فِيهَا اَسْمُهُ وَسَعَى في خَرَابِهَا. .) (البقرة: 114). اللهم صلى على محمد النبي الأمي وأزواجه أمهات المؤمنين وذدريته وآل بيته وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، هذا النبي الذي شهد الله له بالصدق فيما يرويه عن ربه، فقال سبحانه: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ (4))) (النجم)، وسننه هي المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام بعد القرآن الكريم، وتشمل السنة كل ما صدر عن الرسول من قول أو فعل أو تقرير. ومن فعله صلى الله عليه وسلم عمارة المساجد لذكر الله وإقامة الصلاة ومكان للتعلم والدراسة، ومركز لاجتماع المسلمين إذا حز بهم أمر أو أصابتهم نائبة؛ ومن سنته استجابته للصحابة عندما يطلبونه أن يصلي لهم في مساجدهم التي في أحياء المدينة ليكون عمله هذا تأسيسًا لمساجد الأحياء التي حظيت بسبب صلاة المصطفى فيها بكل عناية واهتمام، فقد اهتم الخلفاء بها، وأمروا الولاة برعايتها، وتعهدوها بالحفظ والعناية. ومما سجله التاريخ في هذا الشأن صلاة عبد الله بن عمر رضي الله عنه بالمواضع التي صلى رسول الله فيها، وكانت عمارته لها بالذكر والصلاة وتحري موضع…

الصفحة 17