كتاب رسائل في آثار المدينة النبوية

6…بقي من آثار المدينة النبوية منذ صدر الإسلام من مساجدها ومواقع الغزوات فيها ومنازل أهلها ومقابرها وآبارها وحرّاتها وجبالها وأوديتها وسهولها، وحدود حرمها وحماها؛ كل ذلك أسفار تحدثك عما فيها وما جرى لها وما دار حولها على تعاقب الليالي والأيام. إن واسطة العقد في المدينة هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه الروضة الشريفة بين المنبر والمثوى الشريف الذي يضم جسده الطاهر، ومعه أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، قال صلى الله عليه وسلم: ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)). وقال: ((صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى)). ثم تزور البقيع بعد ذلك، وإذا وقفت تذكرت قول قائد غزوة مؤتة: يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها وفي البقيع ترقد أمهات المؤمنين وأهل البيت والصحابة الكرام من المهاجرين والأنصار، أولئك أهل الفضل، السابقون من أهل القرن الأول، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم من تلاهم بعد ذلك من أهل المدينة عبر القرون. نسأل الله لنا ولهم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، اللهم حقق لنا ولهم شفاعة رسولك صلى الله عليه وسلم يوم المحشر العظيم. وإذا زرت مسجد قباء تذكرت أول منزل نزله صلى الله عليه وسلم في المدينة ضيفاً على بني عمرو بن عوف، وكيف استقبله أهل المدينة وفتحوا له قلوبهم وبيوتهم، ولا غرابة هم أهل المدينة، دار الهجرة، دار الإيمان التي فتحها الله بالقرآن، وقد بنى صلى الله عليه وسلم في قباء أول مسجد أسس على التقوى، قال تعالى:…

الصفحة 6