كتاب البدع الحولية

دينهم، إبقاء لشيء من أعيادهم في حق أمته، كما أنه ليس في ذلك إبقاء في حق أمته، لما هم عليه في سائر أعمالهم، من سائر كفرهم ومعاصيهم، بل قد بالغ صلى الله عليه وسلم في أمر أمته بمخالفتهم في كثير من المباحات، وصفات الطاعات؛ لئلا يكون ذلك ذريعة إلى موافقتهم في غير ذلك من أمورهم، ولتكون المخالفة في ذلك حاجزاً ومانعاً عن سائر أمورهم، فإنه كلما كثرت المخالفة بينك وبين أصحاب الجحيم، كان أبعد عن أعمال أهل الجحيم (¬1) .
ما روته عائشة - رضي الله عنها - قالت: دخل أبو بكر -رضي الله عنه- وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بُعاث (¬2) ، قال: وليستا بمغنيتين. فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا بكر إن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا)) (¬3)
وفي رواية: ((يا أبا بكر! إن لكل قوم عيداً وإن عيدنا هذا اليوم)) (¬4) . وفي رواية: ((دعهما يا أبي بكر، فإنها أيام عيد)) . وتلك الأيام أيام منى (¬5) .
¬_________
(¬1) - ويُراجع: اقتضاء الصراط المستقيم (1/436- 445) .
(¬2) - بُعاث: موضع في نواحي المدينة، على ليلتين منها، كانت فيه وقعة عظيمة بين الأوس والخزرج في الجاهلية، قُتل فيها خلق من أشراف الأوس والخزرج وكبرائهم، ولم يبق من شيوخهم إلا القليل. روى البخاري في صحيحه عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ((كان يوم بعاث يوماً قدمه الله لرسول صلى الله عليه وسلم فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد افترق ملأهم، وقتلت سرواتهم وجرحوا. فقدمه الله لرسول صلى الله عليه وسلم في دخولهم في الإسلام)) . رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع الباري (7/110) كتاب مناقب الأنصار، حديث رقم (3777) . يُراجع: البداية والنهاية (3/162) . ويُراجع: معجم البلدان (1/451) .
(¬3) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (2/445) كتاب العيدين، حديث رقم (952) . ورواه مسلم في صحيحه (2/607، 608) كتاب صلاة العيدين رقم (892)
(¬4) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (7/264) كتاب مناقب الأنصار، حديث رقم (3931) ، بلفظ: ((دعهما يا أبي بكر ... )) الحديث
(¬5) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (2/474) كتاب العيدين، حديث رقم (987) . ورواه مسلم في صحيحه (2/608) كتاب صلاة العيدين رقم (892) (17) .

الصفحة 423