كتاب حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح

الحل ميتته". " و "كذا: " ماء النهر ": كسيحون وجيحون والفرات ونيل مصر وهي من الجنة, " و "كذا " ماء البئر " وكذا: " ما ذاب من الثلج والبرد ": بفتح الباء الموحدة والراء المهملة واحترز به عن الذي يذوب من الملح؛ لأنه لا يطهر يذوب في الشتاء ويجمد في الصيف عكس الماء وقبل انعقاده ملحا طهور, وكذا " ماء العين " الجاري على الأرض من ينبوع, والإضافة في هذه المياه للتعريف لا للتقييد, والفرق بين الإضافتين: صحة إطلاق الماء على الأول دون الثاني إذ لا يصح أن يقال لماء الورد هذا ماء من غير قيد بالورد بخلاف ماء البئر لصحة إطلاقه فيه. " ثم المياه " من حيث هي " على خمسة أقسام " لكل منها وصف يختص به أولها " طاهر مطهر غير مكروه وهو الماء المطلق " الذي لم يخالطه ما يصير به
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولا الغسل عن جنابة, وكذا روي عن أبي هريرة وكذا ماء الحمام عنده, وعن أبي العالية أنه كان يتوضأ بالنبيذ, ويكره الوضوء بماء البحر؛ لأنه طبق جهنم, وما كان طبق سخط لا يكون طريقا لطهارة ورحمة, والجمهور على عدم الكراهة. قوله: "هو الطهور ماؤه" الخ قاله عليه الصلاة والسلام لمن جاءه, وقال: يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ به؟. قوله: "الحل ميتته" قاصر عندنا على السمك غير الطافي, وغير الجريث والمار ماهي, وهو ثعبان البحر والجريث: سمك أسود يشبه الترس. قوله: " وكذا ماء النهر " قال في القاموس: النهر ويحرك مجرى الماء. قوله: " كسيحون " نهر خجند وجيحون: نهر ترمذ, والفرات نهر الكوفة. قوله: " ونيل مصر ": هو أفضل المياه بعد الكوثر, ويليه بقية الأنهر, وورد أن الفرات ينزل فيه كل يوم بعض من ماء الجنة. قال بعض الحذاق: فائدة كون بعض المياه أفضل من بعض إنما تظهر في كثرة ثواب الأفضل, كما أن الماء المكروه أقل ثوابا من غيره. قوله: " وكذا ماء البئر " بهمز عينها وقد تخفف معروفة. قوله: " وكذا ما ذاب من الثلج والبرد ": أي بحيث يتقاطر. وعن الثاني: بجوز مطلقا, والأول أصح, وإنما جاز التطهير بهما لأن ماءهما ماء حقيقة لكنه جمد من شدة البرد ويذوب بالحر, والبرد: شيء ينزل من السماء يشبه الحصى, ويسمى: حب الغمام, وحب المزن كما في المصباح. قوله: " واحترز بت " أي بما ذاب من الثلج والبرد. قوله: " لأنه لا يطهر ": أي الأحداث فقط. قوله: " يذوب في الشتاء ": جملة قصد بها التعليل لقوله لأنه لا يطهر. قوله: " عكس الماء ": أي فليس حينئذ بماء. قوله: وقبل انعقاده ملحا طهور؛ لأنه على طبيعته الأصلية. قوله: " إذ لا يصح أن يقال لماء الورد " أي لغة وعرفا. قوله: " بخلاف ماء البئر ": أي مثلا. قوله: " ثم المياه ": ثم للترتيب الذكرى. قوله: " من حيث هي " أي باعتبار ذاتها بقطع النظر عن كونها ماء سماء ونحوه. قوله: " على خمسة أقسام " من حيث الأوصاف كما أشار إليه بقوله: " لكل منها وصف " الخ وليس التقسيم للحقيقة. قوله: " طاهر ": أي في نفسه مطهر لغيره حدثا وخبثا. قوله: " غير مكروه ": أي استعماله. قوله: " الذي لم يخالطه الخ ": فهو الباقي على أو صاف خلقته الأصلية. " فائدة ": يجوز الوضوء والغسل بماء زمزم عندنا من

الصفحة 21