كتاب حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح

مقيدا " و " الثاني: " طاهر مطهر مكروه " استعماله تنزيها على الأصح, " وهو ما شرب منه " حيوان مثل " الهرة " الأهلية إذ الوحشية سؤرها نجس " ونحوها ", أي الأهلية: الدجاجة المخلاة وسباع الطير والحية والفأرة؛ لأنها لا تتحامى عن النجاسة, وإصغاء النبي صلى الله عليه وسلم الإناء للهرة كان حال علمه بزوال ما يقتضي الكراهة منها إذ ذاك " و " الذي يصير مكروها بشربها منه ما " كان قليلا " وسيأتي تقديره " و " الثالث " طاهر " في نفسه " غير مطهر " للحدث بخلاف الخبث " وهو: ما استعمل " في الجسد أو لاقاه بغير قصد " لرفع حدث أو "
ـــــــــــــــــــــــــــــ
غير كراهة بل ثوابه أكبر وفصل صاحب "لباب المناسك" آخر الكتاب فقال: يجوز الاغتسال والتوضؤ بماء زمزم إن كان على طهارة للتبرك فلا ينبغي أن يغتسل به جنب ولا محدث ولا في مكان نجس ولا يستنجي به ولا يزال به نجاسة حقيقة وعن بعض العلماء تحريم ذلك, وقيل: إن بعض الناس استنجى به فحصل له باسور اهـ. قوله: " تنزيها " على الأصل هو ما ذهب إليه الكرخي معللا بعدم تحاميها النجاسة وعلل الطحاوي الكراهة بحرمة لحمها, وهذا يقتضي التحريم, ثم الكراهة إنما هي عند وجود المطلق غيره, وإلا فلا كراهة أصلا كما في غاية البيان والتبيين. قوله: " حيوان مثل الهرة ": الأولى إبقاء المصنف على حاله كما فعل في كبيره لأن لفظ " مثل " يغني عن لفظ " ونحوها " الآتي في المتن. قوله: " نجس " أي اتفاقا؛ لما ورد: " السنور سبع ", فإن المراد به البري. قوله: " ونحوها ": مبتدأ خبره قوله: " الدجاجة " فغير إعراب متنه. قوله: " الدجاجة " وكل ماله دم سائل. وأما ما ليس له دم سائل فلا كراهة في استعماله ما مات فيه فضلا عن سؤرها. واعلم أن الكراهة في سؤر الهرة قول الإمام ومحمد, وقال أبو يوسف: لا كراهة فيه لحديث الإصغاء. قوله: " وإصغاء النبي صلى الله عليه وسلم الإناء " أي إمالته, قال في القاموس: وأصغى: استمع, وإليه مال سمعه والإناء أماله. قوله: " كان حال علمه " الخ أي بوحي أو كشف, فلو زال التوهم في حقه فلا كراهة في سؤرها؛ لأن الكراهة ما ثبتت إلا من ذلك التوهم فتسقط بسقوطه, قال في الفتح: فعلى هذا لا ينبغي إطلاق كراهة أكل أو شرب فضلها والصلاة إذا لحست عضوا قبل غسله كما أطلقه شمس الأئمة وغيره, بل يقيد بثبوت ذلك التوهم, فأما لو كان زائلا كما قلنا فلا كراهة اهـ. قوله: " إذ ذاك " أي وقت الإصغاء. قوله: " وسيأتي تقديره " ظاهر المذهب أنه ما يعده الناظر قليلا قوله: " وهو ما استعمل في الجسد الخ " ظاهره أنه إذا غسل عضوا من جسده لغير جنابة ونجاسة يكون مستعملا, والأصح أنه لا يكون مستعملا لعدم إسقاط الفرض كما في البحر. قوله: " لرفع حدث " وإن لم ينو بذلك قربة, كوضوء المحدث بلا نية إجماعا على الصحيح, ولم يذكر المصنف ما استعمل لإسقاط فرض بأن غسل بعض أعضاء وضوئه، فإنه يصير مستعملا لسقوط الفرض اتفاقا، وإن لم يزل به حدث عضوه لما عرف أنه لا يتجزأ زوالا وثبوتا, ولا تلازم بين سقوط الفرض, وزوال الحدث لأن مفاد السقوط عدم وجوب الإعادة, ورفع الحدث موقوف على التمام. قوله: " لقربة ": هي فعل ما يثاب

الصفحة 22