كتاب حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح

واغتسل النبي صلى الله عليه وسلم بماء فيه أثر العجين وكان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل ويغسل رأسه بالخطمي وهو جنب ويجتزئ بذلك. " والغلبة " تحصل " في " مخالطة " المائعات: بظهور وصف واحد " كلون فقط أو طعم " من مائع له وصفان فقط " أي لا ثالث له, ومثل ذلك بقوله: " كاللبن له اللون والطعم " فإن لم يوجد أجاز به الوضوء وإن وجد أحدهما لم يجز كما لو كان المخالط له وصف واحد فظهر وصفه: كبعض البطيخ ليس له إلا وصف واحد, " و " قوله " لا رائحة له " زيادة إيضاح لعلمه من بيان الوصفين. " و " الغلبة توجد " بظهور وصفين من مائع له " أوصاف " ثلاثة " وذلك " كالخل " له لون وطعم وريح فأي وصفين منها ظهرا منعا صحة الوضوء والواحد منها لا يضر لقلته " والغلبة في " مخالطة " المائع الذي لا وصف له " يخالف الماء بلون أو طعم أو ريح: " كالماء المستعمل " فإنه بالاستعمال لم يتغير له طعم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: بماء فيه أثر العجين قد يقال إنه لا ينتج الدعوى لعدم الدلالة على تغير جميع الأوصاف, وكذا يقال فيما بعده والحكم مسلم, قوله: " كبعض البطيخ " مثله القرع فإن ماءهما لا يخالف إلا في الطعم كماء الورد فإنه لا يخالف إلا في الريح. قوله: " لا رائحة له ": فيه أنه يشم من بعض رائحة الدسومة. قوله: " تكون الغلبة بالوزن " وهذا الاعتبار يجري فيها لو ألقى الماء المستعمل في المطلق أو انغمس الرجل فيه على ما هو الحق وأما ما في كثير من الكتب من أن الجنب إذا أدخل يده أو رجله في الماء فسد الماء فبني على رواية نجاسة الماء المستعمل وهي رواية شاذة, وأما على المختار للفتوى فلا, قال في البحر: فإذا عرفت هذا فلا تتأخر عن الحكم بصحة الوضوء أي والغسل من الفساقي الصغار الكائنة في المدارس والبيوت, إذا لا فرق بين استعمال الماء خارجا ثم صبه في الماء المطلق وبين ماإذا انغمس فيه فإنه لا يستعمل منه إلا ما تساقط عن الأعضاء أو لاقى الجسد فقط وهو بالنسبة لباقي الماء قليل ويتعين عليه حمل كلام من يقول بعدم الجواز على القول الضعيف لا الصحيح, فالحاصل أنه يجوز الوضوء والغسل من الفساقي الصغار ما لم يغلب على ظنه أن الماء المستعمل أكثر, أو مساو ولم يغلب على ظنه وقوع نجاسة فيه وتمامه فيه قوله: " جاز به الوضوء " ظاهر أنه يجوز بالكل ويجعل المستعمل مسلكا لقلته. قوله: " حلت فيه نجاسة " قيد به لأنه لو تغيرت أوصافه بطول المكث وكان باقيا على طبعه فهو مطهر لأنه باق على خلقته الأصلية ولو صار ثخينا, لا قوله: " وعلم وقوعها يقينا الخ ", ولو شك يجوز ولو وجده منتنا لأنه قد يكون بسبب طاهر خالطه, أو بطول المكث, والأصل الطهارة ولا يلزمه السؤال لقول عمر لما سأل ابن العاص عن حوض أتوا عليه فقال: يا صاحب الحوض هل ترد حوضك السباع؟ فقال أمير المؤمنين عمر رضي الله تعالى عنه: يا صاحب الحوض لا تخبرنا, وعلى هذا الضيف إذا قدم إليه طعام ليس له أن يسأل من أين لك هذا؟ قوله: " وهذا في غير قليل الأرواث " أي

الصفحة 26