كتاب حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح

الطعام والجمع أسآر والفعل: أسأر: أي أبقى شيئا مما شربه, والنعت منه سآر على غير قياس؛ لأن قياسه مسئر، ونظيره أجبره فهو جبار " الأول " من الأقسام: سؤر " طاهر مطهر " بالاتفاق من غير كراهة في استعماله, " وهو: ما شرب منه آدمي " ليس بفمه نجاسة, لما روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنت أشرب وأنا حائض فأناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في", ولا فرق بين الكبير والصغير والمسلم والكافر والحائض والجنب, وإذا تنجس فمه فشرب الماء من فوره تنجس, وإن كان بعد ما تردد البزاق في فمه مرات وألقاه أو ابتلعه قبل الشرب فلا يكون سؤره نجسا عند أبي حنيفة وأبي يوسف, لكنه مكروه لقول محمد بعدم طهارة النجاسة بالبزاق عنده. " أو " شرب منه " فرس " فإن سؤر الفرس طاهر بالاتفاق على الصحيح من غير كراهة "أو" شرب منه " ما " بمعنى حيوان " يؤكل لحمه " كالإبل والبقر والغنم ولا كراهة في سؤرها إن لم تكن جلالة تأكل الجلة بالفتح وهي في
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أسوار كنور, وأنوار مصباح, قوله: " لبقية الطعام " الذي في المستصفى, والقهستاني عن المغرب أنه استعير لمطلق البقية من كل شيء. قوله: " والفعل أسأر " يقال أسأر كأرم وسأر كمنع إذا أبقى وعقب, كما في القاموس, ويقال إذا شربت فأسئر كأكرم. قوله: " أي أبقى شيئا مما شربه " لا حاجة إليه. قوله: " والنعت منه سآر " بوزن خطاب. قوله: " لأن قياسه مسئر " إلا أنه لم يسمع كما صرح به أهل اللغة خلافا للمجد في القاموس, فجوز القياس, قوله: " وإذا تنجس فمه " كأن شرب خمرا أو أكل أو شرب نجسا أو قاء ملء الفم, قوله: " فلا يكون سؤره نجسا " ما لم يكن شاربه طويلا لا يستوعبه اللسان فسؤره نجس ولو بعد زمان كما في شرح التنوير.
تنبيه: يكره أن يشرب سؤر غيره إن وجد منه لذة إلا الزوجين, والسيد مع أمته, وكذا يكره حلاقة الأمر إن وجد المحلوق رأسه من اللذة ما يزيد على ما لو كان الحلاق ملتحيا, وبالأولى كراهة تكبيس الأمر في الحمام بالشرط المذكور, قوله: " لكنه مكروه " أي تنزيها مراعاة للخلاف. قوله: " أو شرب منه فرس " لفظه يقع على الذكر والأنثى وربما قالوا للأنثى فرسة, قوله: " فإن سؤر الفرس طاهر بالاتفاق " أما عندهما فظاهر لأنه مأكول عندهما, وأما عند الإمام فلأن لعابه متولد من لحمه وهو طاهر وحرمته للتكريم لكونه آلة الجهاد فصارت حرمته كحرمة لحم الآدمي, ألا ترى أن لبنه حلال بالإجماع كما في التبيين بل صح رجوعه عن القول بحرمته قبل موته بثلاثة أيام وعليه الفتوى وذكر شيخ الإسلام وغيره أن أكل لحمه مكروه وتنزيها في ظاهر الزاوية وهو الصحيح كما في مجمع الأنهر. قوله: " على الصحيح " وقيل نجس حكاه صاحب منية المصلي, وقيل مشكوك كسؤر الحمار. قوله: " من غير كراهة " وروى الحسن عن الإمام أنه مكروه كلحمه, قوله: " كالإبل والبقر " أدخلت الكاف الطيور مأكولة اللحم. قوله: " ولا كراهة في سؤرها " لأنه يتولد من الحلم طاهر فأخذ حكمه. قوله: " إن لم تكن حلالا تأكل الجلة "

الصفحة 29