كتاب حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح

سؤر " سباع الطير كالصقر والشاهين والحدأة والرخم والغراب " مكروه؛ لأنها تخالط الميتات والنجاسات فأشبهت الدجاجة المخلاة حتى لو تيقن أنه لا نجاسة على منقارها لا يكره سؤرها وكان القياس نجاسته لحرمة لحمها كسباع البهائم, لكن طهارته استحسان لأنها تشرب بمنقارها وهو عظم طاهر وسباع البهائم تشرب بلسانها وهو مبتل بلعابها النجس. " و " سواكن البيوت مما له دم سائل " كالفأرة " والحية والوزغة مكروه للزوم طوافها وحرمة لحمها النجس و " لا " كذلك سؤر " العقرب " والخنفس والصرصر لعدم نجاستها فلا كراهة فيه. " و " القسم " الرابع " سؤر " مشكوك " أي متوقف حكم " طهوريته "
ـــــــــــــــــــــــــــــ
" وحرمة لحمها النجس " الواو بمعنى مع قوله: " فلا كراهة فيه ", ولوماتت في الماء. قوله: " سؤر مشكوك ". قال ابن أمير حاج: هذه التسمية لم ترو عن سلفنا أصلا, وإنما وقعت لكثير من المتأخرين فسماه بعضهم مشكوكا وبعضهم مشكلا ومرادهم بذلك التوقف في كونه يزيل الحدث. فقالوا: يجب استعماله مع التيمم عند عدم الماء المطلق احتياطا ليخرج عن العهدة بيقين وليس معناه الجهل بحكم الشرع كما فهمه أبو طاهر الدباس فأنكر هذا التعبير؛ لأن الحكم فيه معلوم وهو ماذكرنا والقول بالتوقف في مثل هذا لتعارض الأدلة دليل العلم وغاية الورع. قال الحلبي: وأما النجاسة الحقيقية فإنه يزيلها عند الإمام وأبي يوسف لقلعه إياها حقيقة فصار كالخل بخلاف الحكم. قوله: " أي متوقف في حكم طهوريته ". قال شيخ الإسلام خواهر زاده: الأصح أن دليل الأشكال هو التردد في الضرورة, والبلوى المسقطتين للنجاسة فإن الحمار يربط في الدور ويشرب من الأواني المستعملة, ويخالط الناس في ركوبه فأشبه الهرة؛ لأنها أشد مخالطة منه لدخولها في المضايق دون الحمار, فلو لم يكن فيه ضرورة أصلا كان كالكلب في الحكم بالنجاسة بلا إشكال، ولو كانت الضرورة فيه كضرورة الهرة كان مثلها في سقوط النجاسة لذلك, وحيث ثبتت الضرورة من وجه دون وجه قيل بالشك في طهورية سؤره للاحتياط وعدم الحرج في ذلك عملا بالدليلين بقدر الإمكان وإعمال الدليلين أولى من إهمالهما عند عدم المرجح. قال في البحر والمعتمد أن كلا من عرق الحمار ولعابه طاهر وإذا أصاب الثوب أو البدن لا ينحسه وإذا وقع في الماء القليل صار مشكوكا وإن الشك في جانب اللعاب والعرق أي في ذاتهما متعلق بالطهارة وفي جانب السؤر متعلق بالطهورية فقط, ولا شك في الطهارة لأن الماء طاهر بيقين وقد خالطه مشكوك في طهارته وهو اللعاب أو العرق فلا ينجس بالشك ولكن أورث شكا في طهوريته للاحتياط حتى لو اختلط هذا السؤر بماء قليل جاز الوضوء به من غير شك ما لم يساوه كما في مخالطة الماء المستعمل اهـ. قوله: " فلم يحكم الخ " أي فاحتجنا معه إلى التيمم لتحقق الرفع بمطهر يقينا قوله: " الذي

الصفحة 32