كتاب حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح

ما في المخرج قليلا" ليسقط فرضية غسله للحدث "و" يسن "يستنجي بحجر منق" بأن لا يكون خشنا كالآخر ولا أملس كالعقيق لأن الإنقاء هو المقصود ولا يكون إلا بالمنقي "ونحوه" من كل طاهر مزيل بلا ضرر وليس متقوما ولا محترما "والغسل بالماء" المطلق "أحب" لحصول الطهارة المتفق عليها وإقامة السنة على الوجه الأكمل لأن الحجر مقلل والمائع غير الماء مختلف في تطهيره "والأفضل" في كل زمان "الجميع بين" استعمال "الماء والحجر" مرتبا "فيسمح" الخارج "ثم يغسل" المخرج لأن الله تعالى أثنى على أهل قباء بإتباعهم الأحجار الماء فكان الجميع سنة على الإطلاق في كل زمان وهو الصحيح وعليه الفتوى.
ـــــــــــــــــــــــــــــ.
إزالة ما في المخرج بغسله قوله: "ليسقط فرضية غسله" علة لقوله يفترض وهذا يفيد افتراض غسله في هذه الاغتسالات وإن لم يكن عليه شيء وهو كذلك ولا ينافيه ذكرهم له في سنن الغسل لأن المسنون تقديمه لا نفسه قوله: "ونحوه من كل طاهر الخ" كالمدر وهو الطين اليابس والتراب والخلقة البالية والجلد الممتهن قال في المفيد وكل شيء طاهر غير متقوم يعمل عمل الحجر اهـ ومنه العود ولو أتى به حائطا فتمسح به أو مسه الأرض أجزأه كما فعله عمر رضي الله تعالى عنه والمراد حائطه المملوكة له أو المستأجرة ولو وقفا كما أفاده السيد قوله: "أحب" أي أفضل من الحجر وحده روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت للنسوة مرن أزواجكن أن يستطيبوا بالماء فإني أستحييهم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله رواه الترمذي وقال حسن صحيح قوله: "والمائع غير الماء مختلف في تطهيره" ظاهره أن من يقول بتطهيره وهو الشيخان يقولان بجواز الاستنجاء به وهو الذي يفيده كلامه أول الفصل قوله: "في كل زمان" وقيل الجمع إنما هو سنة في زماننا أما في الزمان الأول فأدب لأنهم كانوا يبعرون قوله: "لأن الله أثنى الخ" هكذا ذكره الأصحاب وهو مروي عن ابن عباس وسنده ضعيف والذي رواه أبو أيوب وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك لما نزلت فيه رجال يحبون أن يتطهروا وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الأنصار إن الله قد أثنى عليكم في الطهور فما طهوركم" قالوا: نتوضأ للصلاة ونغتسل من الجنابة وتستنجي بالماء قال: "هو ذا كم فعليكموه" وسنده حسن قال في الفتح وأخرجه الحاكم وصححه اهـ وليس في هذه الرواية ذكر الجمع كما لا يخفى قوله: "فكان الجمع سنة" تفريع على ما فهم مما قبله أنه ممدوح شرعا والأفضلية ترجع إلى كثرة الثواب.
تنبيه محل كونه الماء أحب أو استنان الجمع بينه وبين الحجر قبل الإصابة أما بعد إصابة الماء فلا بد من شيوع النجاسة فيكون فرضا من باب إزالة النجاسة كما إذا أصابه نجاسة أقل من الدرهم كان غسلها سنة فإذا باشر الغسل صار فرضا لأنها تتسع بأول إصابة الماء قوله: "في كل زمان" بيان لما قبله.

الصفحة 45