كتاب الفصل في الملل والأهواء والنحل (اسم الجزء: 2)

قَالَ أَبُو مُحَمَّد مُعْتَمد النَّصَارَى كُله الَّذِي لَا مُعْتَمد لَهُم غَيره من قَوْلهم بالتثليث وَأَن الْمَسِيح لله وَابْن الله واتحاد اللاهوتية بالناسوتية والتحامه بِهِ إِنَّمَا هُوَ كُله على أَنَاجِيلهمْ وعَلى أَلْفَاظ تعلقوا بهَا مِمَّا فِي كتب الْيَهُود كالزبور وَكتاب أشميا وَكتاب أرميا وكلمات يسيرَة من التَّوْرَاة وَكتاب سُلَيْمَان وَكتاب زخريا وَقد نازعتهم الْيَهُود فِي تأولها فحصلت دَعْوَى مُقَابلَة لدعوى وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ بَاطِل وموهوا بِأَن التَّوْرَاة وَكتب الْأَنْبِيَاء بِأَيْدِيهِم وبأيدي الْيَهُود سَوَاء لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهَا ليصححوا نقل الْيَهُود لسواد تِلْكَ الْكتب ثمَّ يجْعَلُوا تِلْكَ الْأَلْفَاظ الَّتِي فِيهَا الْحجَّة لَهُم فِي دَعوَاهُم وتأويلهم لَيْسَ بِأَيْدِيهِم حجَّة غير هَذَا أصلا وَلَا جملَة سوى هَذِه وَقد أوضحنا بحول الله تَعَالَى وقوته فَسَاد أَعْيَان تِلْكَ الْكتب وأوضحنا أَنَّهَا مفتعلة مبدلة لِكَثْرَة مَا فِيهَا من الْكَذِب وأوضحنا أَيْضا فَسَاد نقلهَا وَانْقِطَاع الطَّرِيق مِنْهُم إِلَى من نسب إِلَيْهِ تِلْكَ الْكتب بِمَا لَا يُمكن أحدا دَفعه الْبَتَّةَ بِوَجْه من الْوُجُوه وَبينا آنِفا بحول الله تَعَالَى وقوته فَسَاد نقل النَّصَارَى جملَة وإقرارهم بِأَن أَنا جيلهم لَيست منزلَة وَلكنهَا كتب مؤلفة لرجال ألفوها فَبَطل كل تعلق لَهُم وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين ثمَّ نورد إِن شَاءَ الله تَعَالَى تكذيبهم فِي دَعوَاهُم أَن التَّوْرَاة عِنْد الْيَهُود وَعِنْدهم سَوَاء ونورد مَا يخالفون فِيهِ نَص التَّوْرَاة الَّتِي بأيدي الْيَهُود حَتَّى يلوح لكل أحد كذب دَعوَاهُم الظَّاهِرَة من تصديقهم لنصوص التَّوْرَاة الَّتِي عِنْد الْيَهُود وَيرى تكذيبهم لنصوصها فَيبْطل بذلك تعلقهم بِمَا فِيهَا وَبِمَا فِي نقل الْيَهُود إِذْ لَا يَصح لأحد الِاحْتِجَاج بتصحيح مَا يكذب ثمَّ نذْكر بعون الله عز وَجل مناقضات الأناجيل وَالْكذب الْفَاحِش المفضوح الْمَوْجُود فِي جَمِيعهَا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق فين تقع الْإِشْكَال فِي ذَلِك جملَة وَيَسْتَوِي فِي معرفَة بطلَان كل مَا بدى الطَّائِفَتَيْنِ كل من اغْترَّ بكتمانهم لما فضحناه منا وَمِنْهُم وَمن الْخَاصَّة والعامة وَمن سَائِر الْملَل أَيْضا وَيصِح عِنْد كل من طالع كلامنا هَذَا أَن الَّذين كتبُوا الأناجيل وألفوها كَانُوا كَذَّابين مجاهرين بِالْكَذِبِ لتكاذيبهم فِيمَا أوردوه فِيهَا من الْأَخْبَار وَأَنَّهُمْ كَانُوا مستخفين مهلكين لمن اغْترَّ بهم الْحَمد لله رب الْعَالمين على عَظِيم نعْمَته علينا بِالْإِسْلَامِ السَّالِم من كل غش البريء من كل توليد الْوَارِد من عِنْد الله عز وَجل لَا من عِنْد أحد دونه
ذكر مَا تثبته النَّصَارَى بِخِلَاف نَص التَّوْرَاة وتكذيبهم لنصوصها الَّتِي بأيدي الْيَهُود وادعاء بعض عُلَمَاء النَّصَارَى أَنهم اعتمدوا فِي ذَلِك على التَّوْرَاة الَّتِي ترجمها السبعون شَيخا لبطليموس لَا على كتب عزراء الْوراق وَالْيَهُود مُؤمنُونَ بكلتي النسختين وَالْخلاف عِنْد النَّصَارَى مَوْجُود فِيهَا
قَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي توراة الْيَهُود الَّتِي لَا اخْتِلَاف فِيهَا بَين الربانية والعانانية والعيسوية مِنْهُم لما عَاشَ آدم ثَلَاثِينَ سنة وَمِائَة سنة ولد لَهُ ولد كشبهه وجنسه وسماء شِيث وَعند

الصفحة 6