كتاب رسالة المباحث المرضية

يقم أقِم مَعَه بِمَنْزِلَة كل من النَّاس إِن يقم أقِم مَعَه لِأَنَّهُ حَافظ بِهَذَا التَّقْدِير الدَّقِيق على معنى الشَّرْط وَهُوَ الَّذِي عقد الصِّلَة بَين جملتين كَانَتَا قبل دُخُوله مستقلتين لكل مِنْهُمَا تركيبها الإسنادي فَلَمَّا دخل أوجد التلازم بَينهمَا وعلق إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى الْأَمر الَّذِي يُوضح أَن الصِّلَة بَين جملَة الشَّرْط وَجُمْلَة الْجَواب صلَة تَعْلِيق أَو صلَة تَابع بمتبوع وَلَيْسَت صلَة مُبْتَدأ بِخَبَر وتوضيحا لذَلِك نقُول
لَو كَانَت عندنَا جملتان اسميتان أَو فعليتان نَحْو أَبُو بكر قَائِل وَأَبُو بكر صَادِق أَو قَالَ أَبُو بكر وَصدق أَبُو بكر ثمَّ أدخلنا عَلَيْهِمَا الشَّرْط فَقُلْنَا إِن كَانَ أَبُو بكر قَائِلا فَهُوَ صَادِق أَو إِن قَالَ أَبُو بكر صدق فَهَل يَعْنِي إِدْخَال الشَّرْط تَغْيِير العلاقات الإسنادية فِي كل من الجملتين وَجعل إِحْدَاهمَا بِتَمَامِهَا أحد الرُّكْنَيْنِ الإسناديين للجملة الْأُخْرَى أَي هَل معنى إِدْخَال الشَّرْط أننا جعلنَا الثَّانِيَة خَبرا للأولى أليست كل من الجملتين قَائِمَة بركنيها الإسناديين فِي كل من الصيغتين وكل مَا فعله الشَّرْط هُوَ أَنه علق وُقُوع الثَّانِيَة على وُقُوع الأولى
فَإِن قيل إِن أَدَاة الشَّرْط فِي المثالين السَّابِقين حرفية وَمَوْضِع خلافنا فِي الاسمية قُلْنَا إِن معنى الشَّرْط وَاحِد فِي الأداتين الحرفية والاسمية وَالْفرق بَينهمَا أننا نَبْنِي الْكَلَام على الاسمية للدلالة على الْعَاقِل أَو غَيره وَلما كَانَت الأداة اسمية وَكَانَت لَهَا الصدارة قدمناها فقولنا الْعَاقِل يجْتَهد يُسَاوِي قَوْلنَا من يجْتَهد والعاقل ينجح يُسَاوِي قَوْلنَا من ينجح وَلما كَانَ الشَّرْط مَبْنِيا مَعْنَاهُ

الصفحة 60