كتاب رسالة المباحث المرضية

إسنادية بَين ركنيها وَلَو حجبنا الشَّرْط الدَّاخِل عَلَيْهِمَا لعادتا قائمتين بِلَا إخلال
ثَالِثا لِأَن اسْم الشَّرْط وَفعله يكونَانِ جملَة تَامَّة الْإِسْنَاد وَلكنهَا لَيست تَامَّة الْمَعْنى الْمَقْصُود بهَا بعد دُخُول الشَّرْط وَقد كَانَت تَامَّة قبله وَذَلِكَ لِأَن وَظِيفَة الشَّرْط أصلا أَن يَجْعَلهَا متبوعة بجملة ثَانِيَة تكمل مَعْنَاهَا بل إِن مَعْنَاهَا الَّذِي كَانَت مُسْتَقلَّة بِهِ قبل دُخُول الشَّرْط أصبح كُله سَببا أَو عِلّة لحُصُول معنى جملَة ثَانِيَة مُسْتَقلَّة بمعناها فتلازم المعنيان بِالشّرطِ بعد أَن كَانَا مستقلين قبله
وَفِي ضوء مَا فسره ابْن هِشَام من معنى الْكَلَام وَالْجُمْلَة وَكَون الْكَلَام هُوَ الْمُفِيد بِخِلَافِهَا لِأَنَّهَا مصطلح أطلق نحويا على تركيب من كَلِمَتَيْنِ بَينهمَا علاقَة إِسْنَاد فَلَيْسَ لنا أَن نلتقط خَبرا من جملَة لنجعله مُسْندًا إِلَى مُبْتَدأ من جملَة أُخْرَى متجاوزين العلاقات الإسنادية فِي كل من الجملتين بِحجَّة الْمَعْنى وَالْمعْنَى نَفسه غير مَشْرُوط فِي الْجُمْلَة كَمَا راينا فِي اصطلاحهم
إِن الشَّرْط بِدُخُولِهِ على جملَة مَا يَجْعَلهَا نَاقِصَة الْمَعْنى حَتَّى تستكمل متبوعاتها كَمَا فِي الأساليب الْمَعْرُوفَة فِي الِاسْم الْمَوْصُول الَّذِي لَا يتم مَعْنَاهُ إِلَّا بصلته وكما فِي الْقسم الَّذِي لَا يتم مَعْنَاهُ إِلَّا بجوابه وَكَذَلِكَ أسلوب الشَّرْط وَهِي كلهَا أساليب كلامية وَلَيْسَت جملية وَإِذا لم يكتمل الْكَلَام فَأنى تكون الْفَائِدَة
وَقد أَشَارَ العكبري 616 هـ فِي شَرحه لإيضاح الْفَارِسِي إِلَى تلازم جملتي الشَّرْط وَالْجَوَاب فَقَالَ وَينزل الشَّرْط مَعَ الْجَزَاء بِمَنْزِلَة الْعلَّة مَعَ الْمَعْلُول وَقَالَ ثَانِيَة إِن حرف الشَّرْط يُوجب حَاجَة

الصفحة 64