كتاب رسائل المقريزي

ومنهم: أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية وقائد الأحزاب الذى قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوم أحد، وقتل من خيار أصحابه سبعين بين مهاجرى وأنصارى، وكتب إليه «باسمك اللهم أحلف باللات والعزّى وإساف ونائلة وهبل، لقد سرت إليك، أريد استئصالكم، فأراك قد اعتصمت بالخندق، فكرهت لقاءنا، ولك منى كيوم أحد، وبعث بالكتاب مع أبى أسامة الحيثمى فقرأه على النبى صلى الله عليه وسلّم وقال: قد أتانى كتابك، وقد نما عزك بأحمق بنى غالب وسفيههم بالله الغرور، وسيحول الله بينك وبين ما تريد ويجعل لنا العاقبة، وليأتين عليك يوم أكسر فيه اللات والعزى وإساف ونائلة وهبل يا سفيف بنى غالب، ولم يزل يحادد الله ورسوله حتى سار رسول الله صلى الله عليه وسلّم لفتح مكة، فأتى به العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقد أردفه؛ وذلك أنه كان صديقه ونديمه في الجاهلية، فلما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يؤمنه، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال له: ويلك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله فقال: بأبى أنت وأمى ما أوصلك وأحلمك وأكرمك، والله لقد ظننت أنه لو كان مع الله غيره لقد أغنى عنى شيئا، فقال: يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أنى رسول الله؟ فقال: بأبى أنت وأمى، ما أوصلك وأحلمك وأكرمك، أما هذه ففى النفس منها شىء. فقال له العباس: ويلك، اشهد بشهادة الحق قبل أن يضرب عنقك، فشهد وأسلم «1» . فهذا حديث إسلامه كما ترى واختلف فى حسن إسلامه فقيل: إنه شهد حنينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وكانت الأزلام «2» معه يستقسم بها، وكان كهفا للمنافقين «3» ، وأنه كان في الجاهلية زنديقا، وفي خبر عبد الله بن الزبير رضى الله عنهما أنه رآه يوم اليرموك قال: فكانت الروم إذا ظهرت، قال أبو سفيان: إيه بنى الأصفر فإذا كشفهم المسلمون قال أبو سفيان (شعرا) :
وبنو الأصفر ملوك الروم ... لم يبق منهم ملك مذكور
فحدث به ابن الزبير وقال: قاتله الله ... يأبى الإنفاقا أولسنا خيرا له من بنى الأصفر «4» ،............... ............... ............... ....

الصفحة 33