كتاب أحاديث العقيدة التي يوهم ظاهرها التعارض في الصحيحين دراسة وترجيح
الحمية والعصبية وهوى النفس، ومجرد الرأي، لا بمقتضى الدليل، وإلى هذا ذهب الطحاوي (¬٢٤) وابن كثير (¬٢٥) عليهما رحمة الله، وهو ظاهر كلام الشوكاني (¬٢٦).
القول الرابع: أن نَهيه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن التفضيل إنما هو على سبيل التواضع. والأدب وهضم النفس لأنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعلم أنه أفضل الأنبياء، كما يدل عليه قوله: "أنا سيد ولد آدم" وإلى هذا ذهب ابن قتيبة (¬٢٧)، وهو قول آخر لابن كثير رحمه الله تعالى (¬٢٨).
القول الخامس: أن المراد بالنهي: المنع من التفضيل في نفس النبوة لأنها خصلة واحدة لا تفاضل فيها، وأما التفضيل بزيادة الخصوصيات والكرامات والمعجزات فغير منهي عنه، وإلى هذا ذهب أبو عبد الله القرطبي وقال: "هذا قول حسن فإنه جمع بين الآي والأحاديث من غير نسخ" (¬٢٩).
القول السادس: أن المراد بالنهي: المنع من التفضيل الذي فيه تعيين المفضول، فلا يفضل أحد من الرسل على أحد بعينه، وأما تفضيل بعضهم على بعض في الجملة؛ دون تعيين المفضول فجائز لدلالة القرآن والسنة على
---------------
(¬٢٤) انظر مشكل الآثار (١/ ٣٠٨).
(¬٢٥) انظر تفسير ابن كثير (٣/ ٧٧) شرح العقيدة الطحاوية (١٥٩) فتح الباري (٦/ ٤٤٦).
(¬٢٦) انظر فتح القدير (١/ ٢٦٩).
(¬٢٧) انظر تأويل مختلف الحديث (١٠٩) مسلم بشرح النووي (١٥/ ٤٣) تفسير القرطبي (٣/ ٢٦٢) تفسير ابن كثير (١/ ٤٥٥) فتح الباري (٦/ ٤٥٢) فتح القدير (١/ ٢٦٩).
(¬٢٨) انظر البداية والنهاية (١/ ٢٢٢، ٢٩١).
(¬٢٩) تفسير القرطبي (٣/ ٢٦٣) وانظر مسلم بشرح النووي (١٥/ ٤٣) فتح الباري (٦/ ٤٤٦) فتح القدير (١/ ٢٦٩).