كتاب أحاديث العقيدة التي يوهم ظاهرها التعارض في الصحيحين دراسة وترجيح

{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (¬١).
وقال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ألا إني أُوتيت الكتاب ومثله معه" (¬٢).
ولكن أعداء السنة ما فتئوا يكيدون لها؛ فذهبوا يرمونَها بالتناقض والتعارض؛ ويضربون بعض نصوصها ببعض، ويشككون في صحة أحاديثها الصحيحة وما تضمنته من المعاني الفريدة -خاصة ما يتعلق منها بالعقيدة- متذرعين بسيل جارف من الشبهات، وبحر متلاطم من البدع والخرافات، فردوا أخبار الآحاد، وزعموا أن أدلة العقيدة لا بد أن تكون قطعية الثبوت حتى تفيد اليقين؛ فلا يقبل منها إلا ما كان من القرآن أو ما تواتر من السنة، وهذا بلا شك منهج خطير أرادوا أو أراد بعضهم منه إيجاد العراقيل والحواجز بين المسلمين وبين مصادرهم الأصلية، ولكن علماء السنة وفرسان الشريعة وحراس الملّة كانوا لهم بالمرصاد فأبطلوا شبهاتِهم (¬٣) وأبانوا زيفها وضلالها، وأزاحوا الستار عن خطرها وكيدها، فأيقظوا بذلك أعينًا عميًا وآذانًا صمًّا وقلوبًا غلفًا، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
وجملة القول أن القرآن والسنة هما المصدران الأساسيان للإسلام اللذان لا
---------------
(¬١) سورة النجم. آية (٣، ٤).
(¬٢) أخرجه من حديث المقداد بن معد يكرب: أبو داود (عون ١٢/ ٢٣١) ح (٤٥٩١) والترمذى نحوه (تحفة ٧/ ٤٢٦) ح (٢٨٠١) وابن ماجه (١/ ٦) ح (١٢) وصححه الألباني كما في صحيح سنن أبي داود (٣/ ٨٧٠) ح (٣٨٤٨).
(¬٣) انظر: هذه الشبه والرد عليها في كتاب: درء التعارض لشيخ الإسلام ابن تيمية، والروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم للإمام ابن الوزير، والأنوار الكاشفة للعلامة عبد الرحمن المعلمي، والسنة ومكانتها في التشريع الإسلامي للشيخ مصطفى السباعى، ودفاع عن السنة للدكتور محمد أبو شهبة، وزوابع في وجه السنة لصلاح الدين مقبول، والسنة وحجيتها ومكانتها في الإسلام للدكتور محمد لقمان السلفى، وموقف المدرسة العقلية من السنة النبوية للأمين الصادق الأمين.

الصفحة 7