كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

وقد هشموه وكسروه وحطموه وكاد يهلك مما رجموه فعند ما نظر إليه رق له وعطف عليه وقال أفضل المعروف إغاثة الملهوف وإن لم يكن بيننا سابقة صداقة ولا وشيجة محبة ولا علاقة بل عداوتنا جبلية ومباينتنا أزلية لكن فعل الخير لا يبور ولله عاقبة الأمور وإذا قصد الإنسان فعل الخير فلا عليه أن فعله مع أهله أو الغير وقد قيل للتمثيل أيها الإنسان قد عداك الذمأفعل الخير وألقه ثم منع عنه الكبير والصغير وساعده على الخروج من البير واستنفذه من أيديهم وأطلقه فكان كمن اشتراه وأعتقه فلما رأى العفريت هذا الإحسان من ذلك الإنسان من غير سابقة ولا عرفان قبل يده ورجله وشكر له هذه الفعلة وقال أني عاجز عن مكافأتك يا إنسان في هذا الأوان وأنا اسمي فلان فان وقعت في ضيق أو ضللت في طريق فنادي باسمي أحضر إليك بجسمي وأنفعك في ضيقك وأرشدك إلى طريقك وأكافئك أيها اللوذعي بما فعلته معي ثم ودع كل صاحبه وخالف في السير جانبه فوصل السياح إلى بلد من البلاد له فيها صديق حداد فنزل عنده فأكرمه ورحب به وخدمه وكان لتلك البلدة عادة حسنة أنهم في يوم معين في كل سنة يقربون من يقدم عليهم فيه ولا يسألون أخامل هو أم نبيه فان لم يقدم عليهم غريب في ذلك اليوم اقترع فيما بينهم القوم فمن خرجت قرعته سحبوه وكسروا قرعته وقربوه فوافق ذلك اليوم قدوم السائح ولم يرد سواه من غاد ورائح ولا شعر به أحد من أهل تلك البلد فاخذوا في القرعة بالاجتهاد فطرقت القرعة قرعة الحداد فقبضوا عليه وعزموا على تقريبه

الصفحة 104