كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

ليفي بوعدها واحترق صبرها من نار سمها ووقدها وتقاعد الثعلب عنها ينتظر ما يتأتى فحملها مثير الوجد إليه وساقها الأجل المحتوم إلى أن قدمت عليه فدخلت وكره وقبلت يده وصدره فتمكن منها ذلك الغادر ومزقها كما يريد فصارت كالأمس الغابر وإنما أوردت هذا التمثيل لئلا يكون أصحاب مولانا السلطان من هذا القبيل فيكون المعتمد عليهم والمستند إليهم كالنائم على تيار الأنهار والمؤسس بنيانه على شفا حرف هار قال الملك معاذ الله يا ولدي وقرة عيني وكبدي أن يكون صاحبي ومعتمدي من هذا النمط وسبيهاً بالعفريت والثعلب والبط بل كل من أصحابي وسائراً أوليائي وأحباني ما منهم إلا الصديق المهذب والرفيق المؤدب والشفيق المدرب والعتيق المجرب وقد جربته في المودة والإخاء والشدة والرخاء والمروأة والسخاء كما جرى ذلك للتاجر المجرب صديقه في الشدة والارتخاء قال الولد ينعم مولانا الإمام بتقرير هذا الكلام (قال الملك) بلغني أن بعض التجار الأكرمين الأخيار والكرماء الأبرار كان له جزيل وولد صالح جليل سعيد الطالع سديد المطالع عالي الهمة متوالي الحشمة ميمون الحركات جميل الصفات حسن الصورة مشكور السيرة طاهر السريرة وكان أبوه قد تخيل فيه مخايل السعادة وتفرس فيه آثار النجابة والإجادة فكان لا يصبر عن تأديبه وإرشاده إلى سبيل الخير وتهذيبه وتربيته بمكارم الأخلاق وتربيته فقال له يا بني إن الإنسان يحتاج إلى كل شيء وأعظم ما يحتاج إليه ويعول في التحصيل عليه الصاحب الصافي والصديق المصافي والرفيق المساعد في وقت الشدائد

الصفحة 113