كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

فان المال ميال والذهب ذاهب والفضة منفضة والملبوس بوس والمأكل متآكل والخيل خيال والفواضل شواغل والدهر قاصي والعصر عاصي والأقارب عقارب والوالد معاند
والولد كمد والأخ فخ والعم غم والخال خيال والدنيا وما عليها لا يركن إليها وما ثم إلا رفيق ذو وفاء مجبول على الصدق والصفاء إن غبت ذكرك وإن حضرت شكرك مأمون على نفسك ومالك وأهلك وعيالك في حالك ومالك إن غاب صانك وإن حضر زانك فهو أفضل موجود يقتني وأحسن مودود يصطفي فان ظفرت به فتشبث بسببه ثم قال يا بني قد أقمت في الحضر وانقضى لك فيه ما ذقت مما حلا ومر فلا باس أن تحيط علماً بأحوال السفر فان السفر محك الرجال ومجلبة الأموال ومكسبه التجارب ومرآة العجائب والغرائب فاعزم على بركة الله تعالى وتوكل عليه واصحب معك فيه ما تحتاج إليه ثم أفاض عليه المال وأضاف إليه صالحي الرجال وحين ودعه ووصاه واستودعه قال يا بني لا تجعل دأبك وطلبك واكتسابك الاستجلاب الصاحب النافع دون سائر المنافع فانه أوفر بضاعة وأربح تجارة وليس على الصديق أبداً خسارة واجعله في سفرك نصب عينك واشتره بنفسك ومالك ونقدك ودينك وقد قيل:
أخاك أخاك إن من لا أخاً له ... كساع إلى الهيجا بغير سلاح والمراد به الصديق وأعلم أن الأخ الصلبي ربما يضرك وأما الصديق الصالح فأنه يسرك والصاحب الشقيق خير من الأخ الشقيق وقد قيل رب أخ لم تلده أمك

الصفحة 114