كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

من جهات أبيه والتف عليه جماعه من عبيد البطن والمجاعة كأنهم طير قر لي أن رأى خيراً تدلى وأن رأى شراً تعلى ومديد الإسراف في التبذير والإتلاف وصار أبوه ينصحه ويردعه عن جموعه ويكبحه وقال له يا بني استعمل الارتفاق في النفاق واستخلص من الرفاق ذوي الإشفاق واعلم أن هذا المال هو لك مدخر لتصرفك فيه منتظر وإنما أنا لك خازن والله تعالى مجاز على فعالى من مساو ومحاسن وتيقن أن المال هو عزك في الدنيا وزادك إلى الأخرى وأن له وجوهاً ومصارف وعوارف ومعارف فإذا صرف في غير محله ودفع إلى غير أهله كان أثماً ووبالاً وفي الآخرة عذاباً ونكالاً وأحمق الناس المستحق لنزول الباس من اكتسب من اكتسب المال حلالاً وبذرة في الفساد يميناً وشمالاً وادخر به إثماً وخبالاً فصرفه إلى من لا يحمده وعليه حسابه ونكده وأنت إذا صرفت مالك ووزعته وفي غيره مواضعه زرعته وأنفقته على من لا يعرف فضيلتك ولا يحمل حملتك ولا يشكر صنعك ولا يقصد نفعك ولا يجلب لك خيراً ولا يكشف عنك ضيراً خرجت من عز الدنيا وفوت زاد الأخرى وهؤلاء الذين قبلك مهطعين عن اليمين وعن الشمال عزين ثمرة صحبتهم الندامة وعاقبة أمرهم الخيبة والملامة والبعد عنهم غنيمة وسلامة وإذا كان الأمر كذاك فإياك يا ولدي ثم إياك من صحبة هؤلاء الأحداث والمكوث بقربهم فإنهم اخباث واحتفظ بصوت ما لك ولا تنفقه إلا على نفسك وعيالك وفيما يبقى ماء وجهك في حالك ومالك ولا زال أبوه قابض عنانه بقدر طاقته وإمكانه يذكره هذه الوصية بكرة وعشية حتى أدركته المنية وخلف ذلك المال العريض لذلك الولد المريض فمد يده كما كان إلى كل مفسدة ونسي

الصفحة 116