كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

والرضاء أو السعة والضيق أو التكذيب والتصديق فمن وجدته ناصحاً صادقاً أو مطاوعاً مصادقاً وفي كل الأحوال موافقاً وفي الرخاء والشدة مرافقاً يوثق به في الغيبة والحضور وحالتي السرور والشرور يؤدي الأمانة ويجتنب الخيانة ويغار على دينك وعرضك ويساعدك على أداء مسنتك وفرضك فاركن إليه واعتمد في أمورك عليه ومن وجدته منافقاً وفي إخلاصه ممازقاً ينسج شقة الوداد بوجهين ويتكلم كخائض المداد بلسان فلا تقربه ولا تصحبه فان بعده غنيمة والخلاص منه نعمة جسيمة وانظر بعين الثبات ما في هذه الأبيات من حسن الصفات فمن كان بها متصفاً فتمسك بأذياله فانه من أهل الصفا وهي هذه:
وقد قيل قول المرء يكشف عقله ... وببدي سجاياه وما كان يكتم
فهذا كلامي مظهر ما أكنه ... وأكثر هذا الخلق عن عيبهم عموا
فمن شيمتي أني مطيع لصاحبي ... وأصلح عن خصمي وإن كنت أخصم
وأرضى لنفسي ديون ما هو حقها ... وألزمها للخل ما ليس يلزم
إذا قال أصغى للمقال وأنني ... لا علم منه بالمقال وأفهم
ولم أشك من خل لئلا يملني ... ومن لي بخل لا يمل ويسأم
وأقطع في بحثي وأن كنت غالباً ... واسكت حتى قيل ذا ليس يعلم
لا بقي وداد الناس لي لا أضيعه ... ومن لا يداري الناس يرمى ويرغم
وفي كل ذا تقوى إلا له شعائري ... ولا بد من لا يتقي الله يندم
ولا نقص في عقلي وأسباب نعمتي ... وأني وأنى بالكمال مكرم
ولي همة يسموا لي الأوج قدرها ... ولكن خمول المرء للدين أسلم
ووجه اعتقادي مثل عرضي أبيض ... وديني متين واعتمادي مقوم
وحسبي من دنياي قوت وخرقة ... يبلغني آثار من قد تقدموا
فهذي عزيزات لدي وإنني ... لادعو إلى هذي الخصال وأعزم

الصفحة 118