كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

قالت أما الحاكم على نفسه فهو المالك الزمام جوارحه وحسه قد جعل خزائن القلب والسمع معدناً لجواهر العقل والشرع فمهما اقتضاه العقل مضاه وعمل بمقتضاه وما ارتضاه الشرع وقضاه كان فيه انقياد ورضاه قد تحلى بعقود مكارم الأخلاق ولو كان في أسمال أخلاق وشغل نفسه بتهذيبها واجتهد في خلاصها من شرك عيوبها وأهتم بعيوبه عن بعيده وقريبه ويغيضه وحبيبه فذلك الحاكم على نفسه المميز على أبناء جنسه وأما حكمه على غيره فهو أن يكون في سلوكه وسيره منعزلاً عن الناس في زوايا البأس لا يسأل عن أحوالهم وعيوبهم ولا ينظر إلى ما تحتأيديهم وجيوبهم مالكاً لزمام العز له متنعماً بهذه النعمة الجزلة قد اتخذ التقوى والقناعة أحسن حرفة وأربح بضاعه قد سلم الناس من يده ولسانه لا يدري بشأنهم ولا يدرون بشأنه فذلك الحاكم على غيره الفائز من ملك الدارين يخبره فهو الذي خلد ملكه وسلطانه واتضح للعاملين برهانه فان وجد بهذه الصفات موافي فانه لي كفء مكافي وأنه كالبدر جلى تقي الصدر لله ولي فإذا أنعم الزمان بمثل هذا منالاً فنعم نعم والافلالا فجعل ملك الختن يتطلب مثل هذا الختن وأرسل القصاد إلى أطراف البلاد يساون سكان الأكناف وقطان الأطراف عن موصوف بهذه الأوصاف واستمروا على ذلك مده كل باذل جهده حتى أرشدوا بعد زمان أن المكان الفلاني فيه فلان رجل أعرض عن العرض فلم يكن له في

الصفحة 134