كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

يتفرع من الغوغاء للعبادة لأنها تستدعي عزلة العابد وانفراد، وتخيله لمناجاة معبوده ليظفر من حلاوة الطاعة بمقصود فاسأل مولانا الخاقان ذا الفضل والإحسان بيتاً يتخلى فيه للعبادة ومكاناً يضع فيه خرثي البيت وعتاده فقال حباً وكرامة وقرباً وسلامه (ثم) اجتمع الملك بصهره الذي به فاخر وذكر له أنه إعطاء بيتاً آخر أحدهما يكون لخلوته ومبيته والآخر يضع فيه ما يحتاجه من عتاده وقوته فقال الزاهد أيها الملك الماجد فعلت ذلك لتقسيم خاطري وتوزع فكري ومرائري ولا طاقة لي أن أتعلق بمكانين وما جعل الله لرجل من قلبين وإنما الزاهد من همه في الدنيا واحد فانه على عدد التعليقات يتوزع القلب الشتات وإذا تعددت الأماكن يحتاج كل منها إلى ساكن أو حافظ أو ضابط أو حارس أو رابط وأنا لا اعتماد لي بحفظ نفسي أيها الولي فكيف يكون لي اقتدار على حفظ الأغيار وإذا انقسمت أفكاري وفسد بالي فكيف أقدر على صلاح حالي وأني يصلح مع فسادي أمور معاشي ومعادي ثم أني إذا وزعت نفسي فقد نبهت راقد حرصي والحرص أفعى قاتل وأسد صائل يقتلني بسهمه بل بمجرد شمه فقال أيها الملك الكبير لا تهتم لذلك أيها الزاهد الخطير فإن لي أماكن وقصوراً مشيدة وحواصل مصونة وخزائن مكنونة الكل تحت تصرفك تصرفك واختيارك لا منازل لك فيه ولا مشارك فاجعل لكل جنس من قماشك وأثاثك ورياشك وما يقوم بأودك ومعاشك مكاناً على حده وناحية حفظ منفردة واتخذ لنفسك مقاماً خاصاً بك لا عاماً وأنا أقيم على كل مكان حارساً إن شئت راجلاً وإن شئت فارساً فعند احتياجك إلى شيء أتاك هنا مبسراً من غير كد ولا عي وتفرغ أنت لعبادتك واشتغالك بأمور آخرتك

الصفحة 136