كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

(قال) الزاهد أيها الملك المجاهد الاغترار بالقصور من جملة القصور والاعتماد على الحصون من دواعي الجنون وإذا ورد من الملك الغفور طلب على يد القبور فإذا تجدي الدور والقصور وماذا تنفع الحصونأو يدفع كل مكان مصون وإذا آذن بالجلول ذلك الخطب الهول تود النفس لو كانت القصور الممهدة والبروج المشيدة أذل من أفحوض قطاه وأقل من عطش بزاه وقد قيل:
قميص من القطن أو حلة ... وشربة ماء قراح وقوت
ينال بها المرء ما يرتجي ... وهذا كثير على من يموت
وأعلم أيها الخاقان أن النفس لها خادمان مطيعان مجببان ولما تأمر به سميعان وهما الشهوة والحرص الشديد الدعوه أما الشهوة فرائد الأكل الكثير والشرب وأما الحرص فعايد الرعونة والعجب وقد قيل:
فهذا يقود إلى طبعه ... وهذا يسوق إلى ربعه
فهما ليلا ونهارا وسرا وجهارا يزينان لها ما طبعا عليه ويجذبانها إلى ما جبلا إليه وينقاضيانهما حقهما ويطالبانها مستحقهما ولا بد للمخدوم من إقامة أود خادمه واسترضاء أنيسه ومنادمه وقد قال من أتقن المقال:
أن اللبيب أخا اللبيب هو الذي ... مع تيهه يحنو على عشاقه
وكذا الرئيس وأنت أكبر جنسه ... من فاض في الخدم من أرزاقه
يهتم إن حضروا له بنوا له ... يغتم إن غابوا على أشواقه
مع إن حشمته وفائض عمله ... ترقى بكل متنهى استحقاقه

الصفحة 137